أصداء

أصداء

نيروز مالك 

اللوحة للفنان شوقي يوسف

لا أعرف كيف أصف لحظة استيقاظي من النوم، عندما دخلت طائرة حربية في الصباح إلى غرفة نومي، ومرت بي قُبيل خروجها من النافذة! هل أقول: استيقظت بذعر؟ أمْ أقول: توقف قلبي؟ أمْ..

ظللت جالساً على طرف السرير، وأنا أحاول استعادة هدوء أنفاسي المضطربة. ثم سمعت سلسلة من الانفجارات وقعت في الطرف المتمرد من حلب، بينما أصداء صوت الطائرة ما زالت تلفني في غرفة نومي.

حاولت العودة إلى النوم، ولكنني لم أستطع. فقمت إلى غرفتي، بعد أن تذكرت بأن قصة خطرت ببالي في ليلة البارحة.. كان من عادتي، في مثل هذه الحالة، أن أقوم من الفراش لأسّجل فكرة القصة، لكي لا أنساها في الصباح، ثم أعود إلى النوم. ولكنني في الليلة الماضية لم أقم بهذا الأمر. لقد نسيت.. وفي الصباح، مع عبور الطائرة فوق رأسي، كما ذكرت، وهديرها المصّم الذي ايقظني، قمت إلى غرفتي لأكتب القصة التي في ذاكرتي منذ ليلة البارحة.. إلاّ أنني، وأنا جالس وراء طاولتي، مع بضعة أوراق بيضاء، وقلم أزرق، لم أستطع أن أتذكر موضوع القصة! لقد تبخر من مخيلتي تماماً.

أغمضت عينيّ محاولاً استعادة الموضوع إن أمكن؟ ولكن عبثاً! لم أصل إلى شيء.. ما أذكره، قبل أن أغرق في النوم، هو وضوح أحداث القصة في ذهني، حتى أنني أعتبرتها بحكم القصة المكتوبة على الورق. أما موضوعها، هذا ما أذكره تماماً، فلم يكن له علاقة بالحرب، لأنني، لم أجد بين سطوره دبابة، أو طائرة، أو قذيفة، أو رصاصة. لم أرَ دماً يلطخ الأرض، أو بكاء طفل فقد عزيزاً له، أوشجرة مفتتة الجذع والأغصان بسبب هذه القذيفة أو تلك.. لم أجد في القصة التي كتبتها في خيالي، قبل أن أغرق في النوم، أيّة علاقة لها بالحرب.

فتحت عينيّ.. كان كل شيء على حاله، كما تركته على الطاولة في الليلة الماضية، الأوراق، وكتاب” مجنون إلز”، والقلم الأزرق الذي أكتب به.. كان كل شيء على حاله أمامي فوق الطاولة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s