إستبرق أحمد   

اللوحة للدكتور علي سليمان

“هو 1”

  أستظل بالسدرة الضامرة…

رطوبة الأرض تنعش باطن قدمي، رائحة محل “الجزارة” تفيض، أحك أنفي.. أراهما

  يدخلان محلهما، أجيء، متأففا يدلف الآخر للداخل، ألصق وجهي بالباب المزجج، يخرج

 يسألني بحنو..

• أكلت؟

يكمل مبتسما:

• ستأكل لدي

أفتح فمي، يزعق الآخر مناديا..

يهمس لي:

• ششش، اذهب الآن…

 أحرك رأسي، مبعدا ذبابة تطن ن ن ن، أعود للحديقة..

 تدغدغني مَرَشّات الماء… أبتعد..

 تعاود رائحة اللحم التحليق، ألمح القطة المكتنزة، تتبعتها مسرعا بالأمس محاولا

 جذب ذيلها، توقفت مرتطما بضخامة الجسد البني، شراسة تكشيرته المنافسة؛ ذوّت رغبتي بالمناكفة خشية التورط بين أنيابه.

  تتردد، تختبئ بين الشجيرات.. لا أهتم، الخدر يمضغني، أتثاءب، أتمدد على حيز الظل، أثني قدمي المنهكة ببطء، ترتخي عظامي، أخدر في طين النوم، حالما بوجبة طيبة.

                                         فجأة

                                 دوم  دوم   دوم

أجمد.. رنين وألم حاد يستبيح  رأسي، حصاة  بقربي، صبيّة تخربش وجوههم

الضحكات، أهبّ غاضبا، مزمجرا، يقذفونني بما يطالونه:

 حصاة، حفنة تراب، عود أعجف  

 أقوم مستثارا، أركض.. أركض.. أركض تجاه أبطئهم، لا أتوقف…

” هو 2″

ساخطا يقول والدي:

• رأيت، أتى…  

 يدخل والدي كاشا ذبابة، تطن ن ن ن، يتجه لغرفة المخزن.

  أنظر خارجا، أذهب، أفتح الباب، أسأله:

– أكلت؟

أكمل مبتسما:

• ستأكل لدي.

 يفتح فمه، يصرخ والدي  مناديا ..

 أهمس له:

• –         ششش، اذهب الآن .

أغلق الباب، أساعد والدي حاملا قناني البخور والعود، تنداح الرائحة في الأنف، تمر امرأة بخطى وئيدة، أتذكرها بالأمس، ذيل عباءتها الطويل يهفهف خلفها، تقف مترددة، تنظر تجاهنا، يلتهمها بنظرته، تتجاهل لهفتنا، تغيب بين المحلات، نغتم.. 

 يكمل متذمرا عنه:

• أهوج، يخيف الزبائن بملاحقتهم.

يمسح القليل من دهن العود على صدغيه ودشداشته، ينتشي مغمضاً عينيه، يكمل:

• لا أعرف لم تحبه!

تئن ساقي بوجع..

فجأة

دوم  دوم  دوم

 نجمد.. كرة دائخة في أرض المحل، الباب ينزف زجاجا، صبي بوجه مبقع بالذهول والذعر

 يخرج والدي زاعقاً، ألحقه جارا  قدمي العرجاء..

   نسمعه صاخبا من بعيد، نلتفت، نراه يركض خلف صبيّة يتضاحكون، شاهرا نباحه الأجش هو..هو..هو.. جارا قدمه العوجاء..

• قصة
• سرد