فتحية حسين الحداد
اللوحة: الفنان الفرنسي كلود مونيه
في زمن الكورونا، انتشرت التحذيرات، أغلقت الحدود لكن الثقافة تخطت الحواجز وصار الإنستغرام لايف فضاء لقاءات الأدب والفن. في زمن الحظر عبرت الكاتبة إستبرق أحمد حدود الكويت ليستقبلها الكاتب والمترجم أحمد الحيدري في مدينة الأهواز وبين الهنا والهناك يدور حوارهما. أتذكر مسرحية “ست شخصيات تبحث عن مؤلف” وأنا أتابع نقاشهما حول نتاج ورشة للكتابة استمدت فضاءها من لوحة للمصور والمخرج السينمائي محمـد رضا فرطوسي عنوانها “ستأخذنا الريحُ” حيث نوقـشت ستة نصوص، منها ثلاثة التزمت بذات العنوان.
الــريـاح تـحصدُ الأمنيات
مؤلم ورقيق، هكذا وصفت إستبرق أحمد نص “الرياح تقتل الأمنيات” الذي كتبته سلوى لطيف مضيفة أن الكاتبة اعتمدت الفعل للدفع بالحدث لتوظف السرد في حصد التعاطف مع شخصياتها. في النص نرى “الفتاة التي تنتظر والدها، عندما تسمع صوت الريح تصعد السطح ومعها منظار وجورب كانت تحيكه لأبيها. بعد انتظار يطير حجابها فتحاول أن تعرف إلى أين ستأخذه الرياح، وفي نهاية النص تقريبا نجد أن الحجاب وقع على رأس الأب الذي اختلطت مشاعره عندما شم رائحة ابنته.
الورشة التي استمرت سنتين فتحت المجال لأن يبدع كل بطريقته. الأستاذ أحمد الحيدري الذي أدار لقاء الانستغرام رأى أن سعيد عبد اللهي جعل الجغرافيا محددة في نص عنوانه “يقظة الألم”، فيما وجدت إستبرق أحمد أن صبغة من الشاعرية ظهرت في نص “ستأخذنا الريح” للكاتب طارق مزرعة الذي مال إلى وصف تفاصيل حالة الشخصية وسوداوية معرض عج بالناس.
ما بعـــــد الإنـــســتــجرام
جزء من فاعلية الندوات وجدواها يقع في الأسئلة التي تأتي لاحقا كرياح تحرك غبار مفاهيم التصقتَ بها دهرا. بعد حوار الإنستغرام تـتساءل: ما هي الآلية التي نستلهم بها من عمل ما؟ زمزم، واحدة من المشاركين الذي التزموا بعنوان لوحة الفنان لتفارقه بعد ذلك وتأنس إلى نصها الخاص وإلى راو يقول: “طالبتهم أن يتركوني أموت (..) بات زملائي يحركون جثتي مفتشين عن شيء ما، حتى صرخ أحدهم: من الممكن أن تكون في خوذته، وشرعوا يبحثون ما بين الأنقاض والأشلاء عن رأسي حتى وجدوه عاريا فأخذوا يضعون كل خوذة وجدوها أمامهم على هذا الرأس.
ويرتسم أمامك سؤال ثان: كيف للمبدع أن يملأ فراغ نص قرأه أو رسم نظر إليه؟ اللوحة التي عُرضت خلال الورشة ظهر بها ثلاثة أشخاص اختفت رؤوسهم وسط الضباب، لنجد انعكاس تلك الصورة في القصة وفي رأس جندي مفصول عن جسده. رأس يبحثون له عن قبعة. استثمرت الكاتبة الفراغ في الصورة وزرعت فكرتها هناك لتبني علاقة جديدة بين الرأس والهوية أو المعلوم والمجهول.
تطرق الحوار إلى نص محمد عودة، الذي التزم بعنوان لوحة فرطوسي وتمت الإشارة إلى عبارة “كانت سحب الدخان تخرج من فوق رؤوس الزائرين وهم يدخلون المعرض”. إشارة تحفزنا لتأمل علاقـتـنا مع المعارض الفنية وزحمة جمهور ولوحات تخلق أدخنة تستقبل رؤوسنا قبل أن ندخل فضاءً يمتزج فيه الواقع بالخيال، ليأتي تحديد عدد اللوحات كأداة تُخرج النص من سحب الخيال إلى أجواء توثيق يعود بنا إلى الواقع، وعالم حقيقي نبحث فيه عن توازن نفسي سواء في المعرض أو خارجه أو المسافة بينهما.
سواء قصدت الكاتبة أم لا، فإن نص “الرياح تقتل الأمنيات” يقودنا إلى ثــيـمة “المعرفة” وشروطها حين نقرأ العبارات التالية: نظرتْ إلى السماء، التفت إلى الساعة، صعدتْ السلم، عيونها باتجاهين: عين على السنارة وعين على الجبل.
حاز حوار الانستغرام ما يقارب الأربعين متابعا وهو رقم يزيد عن عدد حضور ندوات تنظمها مؤسسات ثقافية تـتمتع بميزانيات ضخمة، فيما أتيحت الفرصة لاستقبال أسئلة دارت حول تنويعات اللغة في النص، وتأثير السياق الشعرى على السرد، ومردود القراءة في تنمية موهبة الكتابة، ليبقى السؤال: هل من مخرج لنصوص ورش الكتابة؟.
کل الشکر والتحیه للکاتبه فتحیه الحداد علی ملاحظاتها القیمه…تعلیقاتک زادنی شرفا
سعیدعبدالهی
شکرا لکادر اداره الموقع
إعجابLiked by 1 person
مرحبا معاک سلوی لطیف والأصح هو لطيفاوي
شكرا لك وللكاتبة المتميزة الاستاذة استبرق على هذا النقد البناء
إعجابإعجاب