حسام القاضي
اللوحة: الفنانة المغربية فاطمة طهوري
قابضاً على سلاحك.. تدور رأسك في حذر.. تمسح عيناك قوس الرؤية أمامك.. تصوب بدقة.. تسدد بإحكام.. يسقط من يسقط وينجو من ينجو.
تمضي في طريقك وكأنك لم تفعل شيئاً.. تشق الجموع في صمت وخجل.. لا يدري عن ما فعلته أحد.. تكرر فعلتك في دأب لا يفتر أبداً.
في المرة الأولى انحنيت فجأة للأمام لأمر ما فأخطأتني طلقاتك.. نبهتني إحداهن لهذا فلم أكترث.
انتم يا معشر الرجال أغبى من أن تفهموا امرأة.. ولكن ولتلزم حدودك فقد سئمت تجاوزاتك.. من تظنني؟ مجرد امرأة وحيدة تحتاج رجلاً؟!
في هذه المرة ضبطتك.. تصويبك دقيق وتسديدك محكم ولكنني استقبلت طلقتيك شامخة في كبرياء عنيد.. أنت لم تعرفني بعد.
لعل نفسك الساذجة تقول “أرملة بائسة وجميلة”.. يا هذا أفق.. أأقع في غرامك لأنك رسمت “بورتريه” جميل لي؟ ألم يدر بخلدك أنني معجبة بفنك مثلما أعجب بإبداع الكثيرين من أصدقائي؟!
قلتها انت من قبل “أنت ودودة وتقفين على مسافة واحدة من الجميع، ومن يفهم خلاف ذلك فتلك مشكلته هو”.. فلم إذاً نكصت على عقبيك وخصصت نفسك بما لم أختصك أنا به؟
وكعادتك دائماً وأبداً تحترف الصمت؛ فلتبقى إذاً في كهف صمتك وسأظل أنا في محراب بوحي، وسأقول كل ما لدىّ.
حاولت ـ وظننت أني نجحت ـ تحييدك.. ألم أقل لك مراراً انك قريب مثل أخي؟ ماذا أفعل أكثر من هذا؟.
في البداية تمترست خلف دلال الأنثى.. كم تجاهلت طلقاتك، وكم أشحت بوجهي عنها.
نعم أبتسم كلما رأيتك، ولكن أيعني هذا أني أحبك؟ أما فكرت ولو لمرة واحدة أن ابتسامتي هذه ليست لك وإنما قد تكون منك؟ رغما عني ـ كلما رأيتك ـ أجدني أبحث عن طربوشك فوق رأسك ولا أجده.. أنت بكل تفاصيلك وملابساتك تنتمي إلى زمن آخر قديم.. بترددك وتحفظك.. طريقة حديثك.. ملابسك.. حتى بنظراتك التي تتحفني بها والتي جعلتني أضحوكة بين رفيقاتي “أهذا هو الذي..”
تقول في نفسك “وماذا يضيرك من نظراتي ؟.. ماذا يضيرني؟! لقد أضرتني هذه فوق ما تتصور.. قلت لي أحبك ألف مرة.. قلتها بعينيك فقط.. ومع هذا فقد سمعها الجميع وبسببها انفض عني أكثر الرجال ملائمة لي.
طبعا لم تفهم.. ألم أقلها من قبل؟ أنكم أغبى من أن تفهموا…
تغيب أسابيع ثم تعود متحفظاً وكأنك شخص آخر، وأظن أني استرحت ولكن هذا لا يدوم طويلاً؛ فسرعان ما تعاود الكرّة وكأن سلاحك هذا ينطلق رغما عنك .
هذه المرة قبلت التحدي.. لم يجب على الأنثى دائماً أن تمارس الانسحاب؟ نعم بارزتك بنفس سلاحك ولنرى لمن ستكون الغلبة الآن .
هل علمت الآن لم انصرفوا عني؟
تظن نفسك ملائماً لي.. حسناً ولكن لا تنظر إلىّ الآن ولا إلى ظروفي..ماذا تعرف عن عالمي ؟ يا صديقي لقد جبت بلدان العالم وعشت كالملكات فهل تظنني بعد هذا أرضى برجل مثلك ؟مجرد رجل ؟! مسكين أنت.. نعم قد أرضى برجل متزوج.. نصف زوج ولا أجد غضاضة في هذا، ولكن أيكون أنت ؟! أتظن أنني قد أنحدر هكذا لمجرد عثرات أتجرعها هذه الأيام؟!
المبادئ.. الطيبة.. الشهامة.. و.. و.. بضاعتك هذه يا صديقي بارت وعفا عليها الزمن.
أنا أحيا كراقصة باليه محلقة بين الفراشات؛ فهناك عالمي.. فبأي حق تريد أن تضع أثقالك في قدميّ، وتكبلني إلى واقعك الرديء ؟!
أنا هي وسأبقى دائماً هي ومهما حدث.. فمن أنت ؟!
هاك وردتك الحمراء اليابسة العزيزة، لكن ولتلزم حدودك.. حتى وأنت.. تحت الثرى.