الفنانة التشكيلية سعدية خذراني
الفنان التشكيلي والنحات المصري محمد سعيد خاطر قدم باقة هامة من الأعمال النحتية راوحت في تشكيلها بين النحت المباشر الذي طوعه وفقا لعوالم كونية اختلجت في ذاته، والنحت غير المباشر، الذي مثل نتاجا لتكاتف جهوده وأدواته الصغيرة وتصوراته الفنية في علاقتها بالواقع والتاريخ والروح.
لقد عمد الفنان إلى تنويع أساليبه النحتية على السطوح المستوية بين النحت الغائر والنحت البارز، مع تنويع للمواد المستخدمة، كما راعى في هذا التنوع التكوينات ذات الثلاثة أبعاد من حيث الحجم والكتلة والفراغ، ولم يفوت عنصر الإضاءة، حيث يكون العمل النحتى مجسماً في فضاء محيط به، فأنتج منحوتات تحتفي بالتاريخ وبالهوية والوطن.
هذا فيما يخص أساسيات النحت والعمل النحتي التي أتى عليها الفنان بامتياز، وهو ليس بغريب عن متخصص في المجال.
أما بالنسبة للأبعاد والمعاني التي عكستها مضامين الأعمال، فإن إزميل الفنان وباقي أدواته تأخذنا في رحلة عبر التاريخ تمتد بين الحضارة السومرية والفرعونية، وبين الحضارة العربية، وبالتالي يعود بنا الفنان إلى العهود الأولى للكتابة انطلاقا من الكتابة المسمارية عند السومريين والكتابة الهيروغليفية عند الفراعنة.
تعرض مضامين لوحاته مراحل تطور الكتابة من المرحلة التصويرية حيث كان الإنسان يعبر عمّا يريد قوله عن طريق الرسم، إلى المرحلة الرمزية حيث أصبح الإنسان يعبر عن المعاني المجردة والأفعال باعتماد الرموز. ثم إلى المرحلة الصوتية أو المقطعية حيث كانت الكتابة فيها على شكل مقاطع؛ أي أن كل مقطع يقابله صوت، وهي المرحلة التي أسست فيما بعد للمرحلة الأبجدية وهي الكتابة بالحرف باعتماد تقنية الحفر وقد أصبح لكل حرف صوت، ومن هنا انبثقت الخطوط عامةً ومنها الخطوط العربية بأنواعها.
في هذه الأعمال نجد الفنان محمد سعيد خاطر متشبعا بالتاريخ العربي، وبالحضارات المتعاقبة على العالم العربي، وخاصة منها تاريخ مصر والحضارة الفرعونية العريقة التي استمد منها نقوشه ورموزه وصولا إلى الثقافة العربية الإسلامية.
يبدو الفنان في مجمل أعماله عالما بأنواع الخط العربي وأسراره وقوانينه، يدون به بعض الآيات الكريمة، ويوثق إنجازات وطنه مصر (مركز الثقافة الإسلامية).. وقد طوع الفنان – الذي نرجو له مزيداً من التألق والنجاح – صلابة الطين، وبث فيه حياة، وأكسبه نوع من حركية الطبيعة.


