عبد الوهاب البياتي
اللوحة: الفنان السعودي عبد الله الشيخ
8 إبريل
أنا عامل، أُدعى سعيد
من الجنوب
أبواي ماتا في طريقهما الى قبر الحسين
وكان عمري آنذاك.. سنتين،
ما أقسى الحياة
وأبشع الليل الطويل
والموت في الريف العراقي الحزين،
وكان جدي لا يزال
كالكوكب الخاوي، على قيد الحياة
13 مارس
أعرف معنى أن تكون؟
متسولا، عريان، في أرجاء عالمنا الكبير!
وذقت طعم اليتم مثلي والضياع؟
أعرف معنى أن تكون؟
لصاً يطارده الظلام
والخوف عبر مقابر الريف الحزين!
16 يونيو
إني لأخجل أن أعري، هكذا بؤسي، أمام الآخرين
وأن أرى متسولاً، عريان، في أرجاء عالمنا الكبير
وأن أمرغ ذكرياتي في التراب
فنحن، يا مولاي، قوم طيبون
بسطاء، يمنعنا الحياء من الوقوف
أبداً على أبواب قصرك، جائعين
13 يوليو
ومات جدي، كالغراب، مع الخريف
كالجرذ، كالصرصور، مات مع الخريف
فدفنته في ظل نخلتنا وباركت الحياة
فنحن، يا مولاي، نحن الكادحين
ننسى، كما تنسى، بأنك دودة في حقل عالمنا الكبير
25 أغسطس
وهجرت قريتنا، وأمي الأرض تحلم بالربيع
ومدافع الحرب الأخيرة، لم تزل تعوي، هناك
ككلاب صيدك لم تزل مولاي تعوي في الصقيع
وكان عمري آنذاك
عشرين عاماً
ومدافع الحرب الأخير لم تزل.. عشرين عاماً
مولاي …! تعوي في الصقيع
29 سبتمبر
ما زلت خادمك المطيع
لكنه علم الكتاب
وما يثير برأس أمثالي من الهوس الغريب
ويقظة العملاق في جسدي الكئيب
وشعوريَ الطاغي، بأني في يديك ذبابة تدمى
وأنك عنكبوت
وعصرنا الذهبي، عصر الكادحين
عصر المصانع والحقول
ما زال يغريني، بقتلك أيها القرد الخليع
30 أكتوبر
مولاي! أمثالي من البسطاء لا يتمردون
لأنهم لا يعلمون
بأن أمثالي لهم حق الحياة
وحق تقرير المصير
وأن في أطراف كوكبنا الحزين
تسيل أنهار الدماء
من أجل إنسان، الغد الآتي، السعيد
من أجلنا، مولاي أنهار الدماء
تسيل من أطراف كوكبنا الحزين
19 نوفمبر
الليل في بغداد، والدم والظلال
أبداً، تطاردني كأني لا ازال
ظمآن عبر مقابر الريف البعيد وكان إنسان الغد الآتي السعيد
إنسان عالمنا الجديد
مولاي! يولد في المصانع والحقول.