«سياحتنامة مصر» واكتشاف الذات العثمانية «المتعالية» من خلال اﻵخر «المنحط»

«سياحتنامة مصر» واكتشاف الذات العثمانية «المتعالية» من خلال اﻵخر «المنحط»

د. ناصر أحمد إبراهيم 

من المعروف أن كتاب “سياحتنامة مصر” هو كتاب يصف رحلة أوليا جلبي إلى مصر، وبالتالي فأن الفكرة المركزية فى النص من المفترض أنها تكشف ملامح الحياة فى مصر بتكويناتها الثقافية والاجتماعية والمادية، لكن من خلال إشارات متناثرة داخل النص يمكن تكوين صورة لها ملامح واضحة إلى حد كبير. إن المتخصصين فى دراسة منهجيات كتابة النص الرحلي يوضحون إمكانية رؤية الذات عبر المقارنات المتعددة والقاسية أحياناً التي يجريها صاحب النص بصورة مباشرة وغير مباشرة، فيصبح “اكتشاف الآخر، هو في نفس الوقت اكتشافاً للذات”. وثمة معلومات فى الحقيقة قد ندت عن قلم أوليا جلبي فى مناسبات معينة؛ كإبدائه موقفًا تحفظيًا إزاء بعض عادات المصريين المستهجنة عند اﻷتراك، أو لجوئه أحيانا إلى اﻹفصاح عن انتقاداته الصريحة لبعض الممارسات التي لم يقبلها هو نفسه على مستوى شخصى، أو فى تحريه وتتبعه للوجود التركى وإشادته بانتشاره المتميز فى مجالات مختلفة، وفضلا عن هذا وذاك فى وسعنا تلمس البعد المقارن، بين الذات واﻵخر، فى طريقته فى استخدام المصطلحات بمضامين تُعلى من شأن الذات فى مقابل اﻵخرومن ثم يمكننا متابعة رصد دلالة المصطلحات وتحليل طريقة توظيفها واستخدامها فى سياق مقارن داخل نص الرحلة.

الذاتية المتعالية

والحقيقة إن اﻹشارات القليلة الواردة فى الرحلة تُظهر ملمحًا أساسيًا فى النظرة إلى اﻵخر من خلال ما يُعرفه إدوارد سعيد “بالذاتية المتعالية” التي يُراد لها أن تعبر عن خلق مسافة فاصلة بين واقعين متباعدين؛ الأنا (التركية) التي تجسد موقع السيد بمركزيته الحاكمة، والآخر التابع الواقع فى منزلة أقل بالضرورة. ويجد هذا التصنيف الأثني فى المفاضلة والتمايز الاجتماعي تعبيراً عنه فى مصطلحين أساسيين، “أولاد الروم” و”أولاد العرب” اللذين استخدمهما أوليا جلبي للترميز إلى خطاب القوة فى علاقة الأنا بالآخر.

صحيح أنه أشاد بالحضارة الفرعونية وبماضى مصر القديم، إﻻ أنه، وكعادته، فى استخدام أسلوب تجريد الآخر من القدرة على العمل الخلاق، نجده يشير إلى أن شبكة الرى المحكمة وقواعد البناء الهندسى الدقيقة التي أنشأها قدماء الكهنة بأنها كانت مستلهمة من معجزة النبي إدريس عليه السلام” أى مستوحاة من أنبياء ﻻ ينطقون عن الهوى، وإذا أضفنا إلى ذلك ما ذكرناه آنفًا، من إرجاعه عظمة حضارة مصر إلى المشيئة اﻹلهية“، لتبين لنا أنه، وبشكل غير مباشر، قصد تجريدهم من دورهم وإبداعهم الخلاق اﻷصيل! ومن ثم تظل دﻻلة مصطلح ”فرعونى/ فراعنة” المستخدمة فى تقريره، تشير فحسب إلى المعانى السلبية (التجبر والقهر) اللتين لصقهما بالمصريين بصفة عامة. وخلافًا ﻹدراكه للبعد الثقافى وتبايناته، كانت مسألة تذكير القارىء، غير مرة، بأن المصريين تجمعهم أرومة واحدة، هى “الفرعونية”، وأنه ﻻ يوجد بها أحد من “غجر اﻷروام/ الأتراك”، تؤكد على مدى إلحاحية التصنيف اﻷثنى عند التعرض لوصف طبيعة انتشار الجاليات المختلفة على أرض مصر.

ازدراء الفلاحين

ومن السهولة بمكان على القارىء للرحلة أن يلحظ ما يعنيه أوليا جلبى بكلمة “ابن عرب” أو مصطلح “أولاد العرب”، إنه يُعنى عنده تحديدًا “الفلاح/الفلاحين”، وينص على ذلك صراحة: “إن فلاحى مصر من أوﻻد العرب”، ومصطلح “الفلاحة/الفلاحين” (المعبر فى رأيه عن غالبية المصريين) إنما يحمل فى منظوره درجة من اﻹزدراء، تفيض به نعوته وأوصافه وعبارته التي وسم بها الفلاحين المصريين، والتي ترسم صورة لنوعية شاذة من البشر، تستحق، فى تقديره، المتابعة والمشاهدة والتسجيل، وكأنهم أشبه بالمخلوقات الغريبة التي هبطت من السماء، فهو يصفهم بـ”المكر والدهاء واللصوصية، وأفعال الشيطنة، والعناد والفسق والفساد. ويلفت النظر عنوان جانبى كاشف لدلالة اعتقاده فيهم ونظرته إليهم: “بيان ما بمصر من اﻷفعال القبيحة”؛ إذ لم يخص تحت هذا العنوان سوى الفلاحين المصريين وحدهم!. على حين لم يعن بالعنوان المقابل “بيان محاسن مصر” سوى شبكة الرى والفيضان ووجود “فتيان الأتراك الأقوياء ذوي المكانة والشجاعة“، القادرين على ضبط اﻷمن وضمان توزيع حصص المياه على القرى بنظام ﻻ يعتريه الخلل. وإذًا فإن مضمون “محاسن مصر” من وجهة النظر التركية التي يمثلها أوليا جلبى تشكلت على ضوء مصالح استانبول نفسها ونظرتها البرجماتية لعلاقتها بوﻻية مصر من ناحية، ووجود دور محورى لرجال من اﻷغوات العثمانيين من ناحية ثانية، أما مضمون “ما هو قبيح” فيظل مرتبطًا – فحسب – بالفلاحين “جبابرة مصر” المثيرين للقلاقل واﻻضطراب، بما يهدد، فى بعض الأحيان، مصالح السلطة. ومن غير شك حملت هذه النظرة درجة من التعالى والازدراء من شأن الفلاح المصرى.

ومن الجدير بالذكر أن النخبة العثمانية البيروقراطية المثقفة كانت تستخدم كلمة “فلاح” عمومًا للتعبير عن اﻹزدراء من اﻵخر، ليس فى مصر فحسب، وإنما فى اﻷقاليم المجاورة كذلك: ونذكر على سبيل المثال الواقعة الشهيرة لراغب باشا، الحاكم العثمانى على دمشق، الذى وصف نظيره أسعد باشا العظم حاكم دمشق (العربى) السابق، بأنه “فلاح ابن فلاح”؛ لما رفض هذا الأخير مساعدة راغب باشا باﻻنتقال سريعا إلى استانبول واستلام مهامه كصدر أعظم. وإذا كانت كلمة “عرب” تعرفها اللغة العثمانية الكلاسيكية بمعنى “أسود/ زنجى”، وتحمل المعنى نفسه فى قواميس اللغة التركية الحديثة!، فإننا نميل إلى اﻻعتقاد بأن السياقات التي وظف فيها أوليا جلبى، بشكل عام، الصفات الثلاث ” فلاح/ ابن عرب/ فرعون”، لوصف ما هو مصرى، لم تكن بعيدة تمامًا عن أن تحمل فى طياتها ذات المضمون المنتقص من شأن ومكانة اﻵخر(المصرى). 

العثمانيون الطاهرون مقابل المماليك الأرقّاء

وفى خط متواز مع نظرته الإثنية للمصريين، نجده يُعرض بالمماليك، بل ويعبر عن وجهة نظره فيهم بصورة أكثر وضوحًا وأشد نقدًا لهم: ففى سياق مقارنته بين السلاطين المماليك وسلاطين العثمانيين، نجده يصف السلالة التركية “بالعرق الطاهر”؛ ويعلل ذلك بفكرة روجتها السلطنة حول أصول العثمانيين الأولى، بأن نسبهم يعود إلى بعض أنبياء الله، وبالتحديد “يوسف ونوح عليهما السلام”، فى حين يُعرضبأصول السلالة المملوكية، غير مرة، واصفًا إياهم “بالعبيد اﻷرقاء” الذين لا نسب لهم ولا حسب. ويصف انتقاده لهم إلى حد وصفهم “بالحشرات”!. بينما نجده فى المقابل يستخدم مفردات تُعلى من شأن عسكر السلطنة؛ مثل وصفه لهم بـ” الأبطال العثمانيين… الغزاة المجاهدين”.

وفى هذا السياق نفسه يمكن أن نفهم دلالة ومغزى المقارنات السريعة، التي تناثرت بطول المجلد، بين سلوكيات النخبة التركية وغيرها من المجموعات اﻻجتماعية المستقرة بمصر. نذكر منها على سبيل المثال مقارنته بين الرواق التركى ونظيره العربى بالجامع اﻷزهر: فهو يصف “الرواق الرومى” بأنه “رواق نظيف جدا ومحبوب لسكانه (اﻷتراك) وكثير اﻷوقاف، بينما الرواق العربى والرواق المغربى ليسا بنظيفين”. وحتى إذا وُجِدَ مكان ما يكترث الناس بنظافته، نجده يعلل اﻷمر بالحضور التركى القريب أو المجاور للمكان: أيضًا عند تناوله لوصف طريقة المصريين فى اﻻحتفال بالأفراح السلطانية، نجده يستخدم مفردات تشى بعدم ارتياحه أو انزعاجه منها، فهى تمضى فى ظل “طنطنة وجعجعة” غير منظمة، وﻻ يكاد يسمح للأهالى باﻻحتفال حتى تقع فيهم الفوضى والمشاجرات، ويصبحون – حسب وصفه كالخيول الشرسة التي رفع عنها القيد”!. ومن وجهة نظره، تظل طبيعة المصريين بالضرورة قاسية “فهم يشرعون فى الشجار ﻻتفه اﻷسباب ﻷن طبع مصر زهرى”! فى حين أن مثل هذه اﻷفراح تمضى فى استانبول بنظام ﻻ يعتوره خلل؛ ﻷن “أهالى استانبول يعيشون على الضبط والنظام”.

تحسين صورة التركى والحط من قدر اﻵخر

وإذًا فالقدر هو الذى شكل عقلية المصريين وحدد طبيعة سلوكياتهم اليومية، حين كُتِبَ على مصر أن تكون منتمية للأبد إلى كوكب الزهرة، بينما سلوكيات الأتراك ﻻ تحتاج عنده إلى تفسير مماثل؛ لأن طبيعتهم جُبِلًت على النظام والرفعة، وكذا الحال فى تلقيهم للعلم وعلوم الدين والشريعة: فمثلا عند المقارنة بين متعلمى قراءات القرآن الكريم من اﻷتراك ونظرائهم المصريين، نجده يُشيد بالحفظة اﻷتراك وبقدرتهم على التعلم السريع، وتشبيع وإعطاء الحروف حقها، وحسن أداء نطقها، وفقا للقراءات السبع المعروفة؛ بينما نظرائهم المصريين، ولو أن بينهم بعض الحفظة العظام، إﻻ أنهم “يقعون فى اللحن الجلى والخفى، ويخرجون الحروف بامالات التسهيل والترقيق”. ويُعزى التفوق التركى فى هذا الصدد إلى طبيعة الشعب التركى نفسه “فهو شعب ذكى ومقلد رشيد”.

ومن ناحية أخرى، ومن واقع طبيعته المتحفظة، نجده يصف النساء المصريات “بأنهن فى غاية من قلة الأدب والحياء” وذلك برغم إشادته بأنهن جاذبات جدا، كان هذا بالطبع مقارنة بنظرائهن من النساء التركيات. لكن الملفت بالفعل أن نقده العام للنساء المصريات قد جاء، على غير توقع، فى سياق انتقاداته اللاذعة لطبيعة الفلاحين “الجبابرة” وحيواناتهم العصية على الطاعة كذلك؛ والسبب راجع لأن هؤلاء جميعًا رجال الفلاحين والنساء والخيول يشربون من مياه النيل!. 

ومن الجلى أن فكرة التمييز القائمة على نسب، كل ما هو مهندم ونظيف ومرتب، وذى حياء والتزاموسلاسة، إلى العنصر الرومى (التركى)، والجزم فى المقابل ببقاء المصريين، بفعل عوامل حتمية ﻻ فكاك منها، فى دائرة التخلف والتجرد من تلك الصفات الحسنة – إنما تتضمن بشكل واضح رغبة حقيقة فى تحسين صورة التركى العثمانى فى مقابل الحط من قدر اﻵخر العربى/ المصرى. 

إن هذه المقابلة ذات الطابع اﻹثنى تشير إلى ما هو أكثر من اﻹنفصال الذى أملته المسافة الجغرافية؛ تشير إلى إحساس باﻻختلاف بين ما هو تركى/ عثمانى وما هو عربى/ مصرى والتي تجد انعكاسها، بدرجة متوازية إلى حد كبير، مع المثقفين العرب(أمثال الخفاجى والنابلسى والمرادى وغيرهم) الذين زاروا استانبول واحتكوا بنظرائهم الأتراك، ومروا بالتجربة نفسها، وأدركوا حالة التباين واﻻختلاف الثقافى بين الجانبين. 

تكريس مفهوم التابع المتخلف

نخلص من هذه الدراسة إلى أن أوليا جلبى، حين رحل إلى مصر، كان مُحَمَّلا بضروب من التعاطف واﻹنحياز لبنى جلدته وللثقافة العثمانية التي كان ينتمى إليها ويُباهي بها. وأنه بعد تجربة الاحتكاك والمعايشة فى مصر، لثماني سنوات، لم يستطع تغيير رأيه فى ثوابت أفكاره وحدودها؛ ﻷن اﻷمر برمته كان متعلقًا بعقيدة راسخة يجرى الترويج لها حول مفهوم “التابع” الذى ﻻ يرقى، على المستوى النظرى، إلى ثقافة النخبة التركية التي يتعين أن تظل لها السيادة والحكم، فيما حُدِدَ للرعية (العثمانية) دور وظيفي لا تتخطاه: الانغماس في الانتاج والخضوع للمركز. وفى هذا اﻹطار بدا الوعى بـ “الأنا التركية” المتسيدة واضحًا جليًا عند أوليا جلبى، واتخاذها، فى كثير من اﻷحيان، معيارًا لوصف الأشياء من حوله، والحكم على السلوكيات الثقافية التي رصدتها عدسته خلال رحلته فى مصر.

لم يستهدف تقرير أوليا جلبي إذن الوصف ولا نقل صورة الواقع، ولكنه تحرك في إطار مهيمنات الخطاب العثماني التي استهدفت تصوير مجيء العثمانيين للمنطقة كبداية “للعهد السعيد”، وتصوير هذا الأمر كحدث تاريخي نوعي، استطاع الإجهاز على الاستبداد المتجذر، ووضع نهاية لحقبة طويلة من الظلم الاجتماعي والتدهور الاقتصادي؛ وبالتالي فمهمة الغزو العثماني، وفقاً لهذا المنظور، تكتسب طابعاً أخلاقياً؛ لأنها لم تنبنِ على نزعة من التوسع، وإنما رمت انقاذ مصر والمشرق العربي قبل أن يطمسهما تيار الاستبداد والفوضى. لقد شكلت مجمل هذه الأفكار المهيمنات التي وجهت النص وصاغت هيكلة 

ومن المفارقات التي تطرقت إليها الدراسة، أن مقاربة الخطاب العثماني لا تجعله بعيداً في كثير من ملامحه وأبعاده، مع صنوه “الخطاب الكولونيالي” الأوربي، المروج لأفكاره منذ حملة آخر القرن الثامن عشر (الحملة الفرنسية) وما تلاها على مدار العقود المتراكمة بين القرنين الـ 19 م والـ 20م: فالفكرة الأساسية في الخطابين (العثماني/ الأوربي) تستهدف طوال الوقت تبرير الغزو، والبحث عن شرعية لاستمرارية السيطرة وإقرار التبعية، كذلك اتفقا فيما هو معلن من ظاهر الخطاب بترويجهما لتيمة واحدة، تلخصها مقولة القضاء على ” الاستبداد” من أجل تهيئة المجال لتحقق العدالة، ومن ثم نشر ثقافة الإعمار (أو التحديث بالنسبة للخطاب الأوربي)، ما يجعل الخطاب العثماني، فى النهاية، معبراً فى جوهره عن ” ثقافة محتل”، كان يبحث، عبر الخطاب، عن ترسيخٍ لتوسعاته واستمرارية بقاؤه.



صفحة الكاتب في حانة الشعراء

رأي واحد على “«سياحتنامة مصر» واكتشاف الذات العثمانية «المتعالية» من خلال اﻵخر «المنحط»

  1. دراسة شديدة الأهمية لأنها بصيرة وكاشفة تعكس وعيَّا شمولياً لنظرة المستعمر المُحتل المتعالية وتعُر ي وتفضح دوافعه لترسيخ استبداده وكيفية استخدامه لعيارين مختلفين ليضع نفسه في مكانة علوية رسولية أو نبوية ملائكية وكيفية تزييفه لحقائق التاريخ لأنفاذ هذه السياسة التي تؤهله بالباطل لاستغلال حق قوته في مواجهة قوة الحق والتلاعب بموازين العدل ولعلها تصلح كرؤية عامة للمستعمر لا تقف فقط عند حد نظرة العثمانيين للمصريين خلال فترة الاحتلال العثماني لمصر ، بل لكل القوى المسيطرة في العالم ممن يطلق عليهم دول العالم الأول في مقابل من يطلق عليهم دول العالم الثاني والثالث … وأهم أنها تكشف بوضوح عن الملامح العنصرية المتجذرة في الشخصية العثمانية بكل ما فيها من قبح بشري مقابل الجمال الإنساني .

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s