حواديت في التليفون – كتاب إيطالي في كل بيت بالعالم

حواديت في التليفون – كتاب إيطالي في كل بيت بالعالم

د. عبدالله عبدالعاطي النجار – د. عصام السيد علي 

حواديت في التليفون مجموعة كبيرة من القصص القصيرة التي كتبها جانّي روداري الحاصل على جائزة “هانز كرستيان أندرسون” والتي توازي “جائزة نوبل” في أدب الأطفال.  في هذه الحواديت نجد المحاسب “بيانكي” بطل الحواديت الذي اضطرته ظروف عمله إلى التنقل بشكل يومي من مدينة لأخرى، يستخدم التليفون كوسيلة تمكنه من سرد القصص العجيبة والمثيرة لابنته الصغيرة التي لم تكن لتنام إلا عند سماع هذه الحواديت من أبيها.

يبرز في هذه الحواديت اللغة السهلة والبسيطة التي خاطب بها الكاتب قراءه والأسلوب الذي جمع بين أشكال مختلفة شملت السرد والحوار وتنوع الشخصيات والتركيز على التشويق كعامل أساسي لجذب الأطفال إلى القصة. فهذه القصص بكل أبعادها استطاعت توظيف مفردات كثيرة بهدف تمرير أفكار ومفاهيم تدعم عقل الطفل محاولة ألا تقتصر على سرد الحكاية لمجرد السرد وإنما توظيف الشخصيات والأحداث لتنمية ذهن الطفل ومداركه الحياتية.

من الحواديت الجميلة الورادة في طيات هذا الكتاب علي سبيل المثال لا الحصر الحدوتة الطريفة التي تحمل عنوان “طونينو الخفي” ذلك الفتي المدعو “طونينو” الذي يحاول التهرب من واجباته المدرسية بأي شكل، إلي أن جالت بخلده فكرة غريبة فقرر أن يصبح خفياً قائلاً في نفسه: “آه، لو أستطيع أن أصبح خفياً”. ولكن هذا الخفاء كلفه غالياً، إذ لم يعد يراه أصدقاؤه في المدرسة. وعندما عاد إلى المنزل، لم يره والداه، لماذا؟ لأنه أصبح طونينو الخفي. “أنا هنا ياماما! صرخ طونينو لكنها لم تره ولم تسمعه، فهو لم يعد مرئيا كما تمنى وبقيت تنظر بقلق ناحية الطريق… وهكذا أصبح وحيداً لا يلتفت إليه أحد تماماً مثل الرجل المسن الجالس على المقعد بالقرب من منزله الذي كان يقول: “لا أحد ينتبه لوجودي… قال الرجل المسن “فأنا رجل كبير السن متقاعد، وحيد. لا سبب يجعل الأولاد يلتفتون إلي! وكأنني للجميع رجل خفي”. وفي نهاية الحدوتة أدرك “طونينو” أنه لا فائدة من التهرب من الواجبات المدرسية، وأنه لابد من أن يكون مجتهداً في دراسته، متفاعلاً مع مدرسيه وزملائه في الفصل.

هذه القصص تعلم الأطفال الاجتهاد والاعتماد على النفس، ورفض الكسل، وطاعة الأهل… كتبت بأسلوب مرح وكلمات سلسلة، مع رسومات ملونة تساعد الأطفال على الإستيعاب والفهم.

تمت ترجمة هذا الكتاب إلي العديد من اللغات الأجنبية الأخرى مثل القشتالية، والكاتالانية، ولغة الباسك، والجاليكية، واليابانية، والبرتغالية) البرتغال والبرازيل)، واليونانية، والكورية، والبلغارية، والفرنسية والصينية، والعبرية، والبوسنية والبولندية والتركية والتشيكية والروسية والإستونية والمجرية، وحقق الكتاب نسب مبيعات عالية جداً في كافة الدول المذكورة أعلاه، لدرجة أنني في سفرياتي الخارجية كنت أبحث كثيرا عن الترجمات المختلفة لهذا الكتاب لكني كنت أحصل على الإجابة ذاتها دوما: “لا يوجد ولا حتى نسخة واحدة متبقية”، وقال لي العاملون في المكتبات التي ذهبت إليها في العديد من البلدان أن الكتاب ينفذ بسرعة كبيرة بمجرد توزيعه في الأسواق، وهذا أمر نادر الحدوث خاصة مع الكتب المنقولة عن ثقافات ولغات أخرى، إلا أن هذا الكتاب حقق هذه المعادلة الصعبة بالفعل.


جاني روداري (1920 – 1980) كاتب وصحفي إيطالي، اشتهر بأعماله في أدب الأطفال. حصل على جائزة هانز كريستيان أندرسن للعام 1970 لمساهماته الدائمة في أدب للأطفال. يعتبر أهم كاتب أدب أطفال إيطالي في القرن العشرين.. ترجمت كتبه إلى عدة لغات.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s