أحمد فضل شبلول
اللوحة: الفنان الأكراني إيفان كونستانتينوفيتش آيفازوفسكي
إسكندريَّةُ..
(قطرُ الندى
ونفثةُ السحابةِ البيضاء
ومَهبطُ الشعاع)*
تعومُ في ضياها
وتشرئبُ للسواحلِ التي في خاطري
إسكندريَّةُ.. في صباها
لؤلؤةٌ في عُرْوَةِ البحار
وسَهْرةٌ في “بنسيونِ ميرامار”
إسكندريَّةُ التي في القلبِ..
لا تنامُ في الشتاءِ والربيعْ
لا تعرفُ الضبابَ والصقيعْ
هي ابنةُ الشموسِ.. وابنتي..
حفيدتي.. صديقتي
تُبادلُ الغرامَ بالغرامْ
وتعزفُ الألحانَ والكلامْ
على شواطئِ الزمان
تمدَّدي على رمالِ صدرِنا
فصيفُكِ الجميلُ.. سَتْرُنا
تفتَّحي تحت الجفونِ والعيون
وانْزَلِقِي ـ كلاعبِ الباليهِ ـ في الخيال
لا تقفي مثلَ التماثيلِ على الكورنيشِ
ووزِّعي سحرَ الجمالِ والدلال
على عبادِكِ المرابطينَ في المنار
إسكندريَّةُ العناقُ والقيثار
تلألئي كما النجومِ في جبينِ التاج
واغْترفِي من حُبِّيَ الوهَّاج
فها هي البلادُ تنحني..
لمجدِكِ الجديدِ والقديم
لا تتأوْرَبي..
أو.. تتأمْرَكي..
لا تَتَعَوْلَمي..
بَلْ.. تَسَكَنْدري
في مِشْيَةِ العصاري..
تَسَمْهَرِي..
تَعَمْلَقي.. عبرَ القرونِ القادمة
تنفَّسي صبحًا من الخيولِ في السحاب
ترقرقي.. كالماءِ في الرُّضَاب
هذا أنا..
فتاكِ قبل أنْ يَجيئَكِ الفتي اسكندر
سميتُكِ: الأميرةْ..
على عروشِ مالكي الديار
صليتُ في معبدِ سيوه
وقالَ لي كبيرُ كُهَّانِهِ:
ستفتحُ البلادَ والبحار
وتلتقي بالشمسِ والغبار
ستسجدُ الأبراجُ والأقمار
وفي نَهَايةِ الطريقِ مِئذنةْ..
ومكتبةْ
فلتصعدِ الآنَ إلى الشمالِ يا ابنَ الآلهةْ
هذا أنا.. وقبلَ أنْ يَجيئَكِ الفتى
لكنني.. حاربتُ..
ـ في الطريقِ نحو قلبك المضيءِ بالمَعرفةْ ـ
جحافلَ الظلامِ والخُرافةْ
أرجعتُ سَيْنَاءَ لواديها
فلسطينَ لأهليها
وجئتُ بعدَهُ..
وجدتُهُ سمَّاكِ باسْمِهِ
فلا عَتَبْ..
ولا حَزَنْ..
أميرتي أنتِ..
أميرةُ البحار
هيَّا إلى “بنسيون ميرامار”.
(*) ما بين القوسين مقتبس من رواية ميرامار ـ نجيب محفوظ ـ ص1