ذلك حالي معه

ذلك حالي معه

محمود حمدون

اللوحة: الفنان الفرنسي جان ميتسينجر

كلما نظرت بعينيه، قلت لنفسي: مؤلم حد الخطر أن تعيش دومًا على الحافة، أن تنام بعين واحدة مغلقة بينما الأخرى نصف مغمضة، تتحسّب لأي اضطراب يصيب القشرة الأرضية الهشة أسفل قدميك، أن تعيد وتغربل وتفسّر كل تصرف يصدر منك خشية أن يُساء فهمه.

أمعنُ أكثر في النظر بعينيه، فيبادلني بنظرة أشد غير أنها فارغة، فأجتر مقولة قديمة قرأتها: ما أسوأ أن تحيا اليوم بكامله، و ساعاته تتفاوت بين عزوف، صمت، ثم صدِّ، تستشعر الخطر، تخشى أن تصل بالنهاية دون أن تدري لمحطة مكتوب على شاهد خشبي منتصب على رصيفها “فات الأوان”.

ذاك حالي معه، حاله معي عندما يدعوني وما أكثر ما يفعل ذلك، لكي نلعب معًا “دور شطرنج”، على رغم أنني أمقت هذه اللعبة، غير أنّي لا أتجاسر على رفض طلبه، فما أيسر أن تستجيب لأمر من شخص يهواه قلبك. وما أغبى أن تسير خلفه مُغمض العينين، تصمُّ أذنيك عن العالم من حولك إلاّ دقات قلبك فقط.

أعترف بل أقسم أن موقفي هذا شائك، يصعب فهمه ممن يراني من الخارج، بل أن بعضًا من معارفي وصموني بالجنون، بعضهم غالى في وصفه بأن أكد أن مسًّا أصابني في مطلع الشباب، نصحني هذا برقية شرعية، إلّا أنني استهزأت بحديثه كما أفعل مع من يخالفني معتقدي.

أذكر أيضًا أن أمي نهرتني من عقود كثيرة خلت ألّا ألهو مع الأُسد، ثم تنهّدت وجذبتني برفق من شحمة أذني وهمست: اللعب معهم مهلكة للوقت ومضيعة للجهد. لازلت أتذكر جيدًا نصيحتها وقتها: لن تفوز أبدًا ولو رجحت كفّتك. لا أنسى أنني راجعتها في رأيها هذا وقلت: هو رهان بيني وبين نفسي ومسئولية أتحمّلها.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s