محمد نديم علي
اللوحة: الفنان السعودي عبد الله حماس
حمل كل شيئ معه نحو المطار.. عبق دعاء الوالدين.. وخوف المسافات.. رقمه الوطني.. وشارع الذكريات يضج في عقله.. وصورة وتوقيعا، وخطابا عاطرا بخربشات مسائية، ورائحة الليمون .
أهدته زهرة.. أغلقت شباكها.. وانزوت كي تروي وسادتها بالأشواق.
***
سألته :
هل تعشق النيل؟
ابتسم في جلال وهو يداعب عينيها بنظراته العاشقة الواثقة !
تبادلا سؤالا في ذات اللحظة :
لماذا أشتاق إليك وأنت ما زلت هنا!
***
في المطار فتشوه.. ثم ختموه.. وأدخلوه.
***
كانت أول ما اشتراه بأول راتب حقيقي لشاب في غربته المحرقة، مزهرية. لم ينغمس في حذاء جديد أو يغرق في بذة يفاخر بها أقرانه. ولم يلون وجهه بقناع الغنى الفاحش المرتقب، تاركا سربه المحبوب وراءه، يصارع من اجل وجبة اليوم الواحد.
سعال الحارس الليلي تحت العقار.. يمزق قلبه، ويطير النوم من عينيه، وضجيج الشارع المحبوب في رأسه ومشاهده في ناظريه، والغبار أيضا.
***
انحنى على طاولتها.. فتح كراسة الخربشات المسائية.. فهي زاده في غربته إن اشتعل الحنين. تحسس جسدها النحاسي المثير.. طويلة العنق.. مزركشة الصدر بنجوم سوداء.. أهدى النجمات قبلتين.. وغرس بينهن زهرة الليمون الأثيرة.. كي تستقر في حضنها في سلام.