من يجمع النار من رماد قلبي؟

من يجمع النار من رماد قلبي؟

مهدي النفري

اللوحة: من أعمال الكاتب

لم قتل العصفور شجرة الصحراء الوحيدة؟

كانت الغيمة بحجم اليقين حين انتبه النمل إلى أقدامه، الريش يتطاير من كل قلب والأرض توقفت عند ساعة الأسئلة.

لم يكن البحر واسعا بما يكفي لتغوص الفأس حتى القاع، علا الصمت كثيرا، كانت الحرب طويلة في ترتيب الجثث وكتابة النقوش، كأس القهوة المطعم بملح اليابسة كان بمثابة دمع شبعت من شرابه أمهاتنا، لبسنا اثوابا فضفاضة خشية أن يتقشر الجلد من النسيان.

كيف انتهت حادثة الشجرة؟

يبدوا الأمر للوهلة الأولى كأنه سمكة بلا زعانف تقرأ كتبنا، المشهد يتكرر، وفي كل مرة نصل علامة الاستفهام نعيد الكرة من جديد، نأخذ الشجرة ونضربها في رأس جذورها حتى النخاع؛ ينبت العصفور ريشا كالدم، يأكله الندم حد الثمالة …. ثمة شيء غريب لم اخبركم عنه، إن الشجرة صارت عصفورا وحلقت بعيدا كغيمة وحيدة.

الندم أيضا غابة

ها أنا أعود مرة أخرى، كنت أود أن أنام ولو مجرد بالحلم لكني عدت، هل يعود الموتى؟

أردت أن اكتب لك عن طيشي وعن هروبي المستمر من هذه الارض، قد يصيبك الملل من كل ما ستجده هنا لكن عليك أن تتحلى بالصبر وعليك أن تثق بي ولو لمرة واحدة، لا أريد أن أقرع الطبول من اجل حفنة مجانين يدورون بقلبي في تابوت فارغ، لا أريد ان اقضم الهوة بيني وبين أن أصل او لا أصل، الندم ايضا غابة، والحياة هنا واقفة على جذع نخلة يابس، لا مريم هنا لتهز الجذع اليها، ولا أبي الذي تراكمت جذوره في السماء فأرسل الي معجزة الجري وراء بلاد من السراب، أعرف انني لا أنتهي من هذه الصحراء وأعرف أن السقوط إلى الأعلى لن يجربه أحد غيري، اذن ما الذي افعله في طعم لا طعم فيه؟ ما الذي أفعله في مستنقع لا يربط خطواتي إلا برصاص تائه، كأنني اللاشيء ولا غيره، كأنني أمشي وظلي يسافر وحده، لا وشم للنهر في اليابسة لا قميص يوسف في اغتسال الدمعة، من يجمع هذه النار من رماد قلبي؟

بِمَ تُفكر؟

كل مرة ادخل هذا الفضاء الأزرق اجده يلوح لي بسؤاله بِمَ تُفكر؟ ها أنا افتح فمي لعل الجواب يُشفي غليلك:

أفكر في شعب اعزل يُقتل ببرودة أعصاب، في صمت العالم والمثقف العربي والعالم عما يجري، أفكر في شباب يحاولون زرع احلامهم بينما يجلس القتلة مرتاحي البال، أفكر في الديكتاتور لم هو بلا إحساس وعقل وضمير (الا يملك، طفلا، امرأة، بيتا)؟ كيف موقفه من بكاء ابناءه؟ كيف يمضي نهاره وهو يرى الدم بعينيه؟

أفكر في أولئك الذين يطلبون المزيد من الدماء، أفكر في من يدافع عن سلطة فاشية وهو يعرف كم هي ظالمة، أفكر في المقابر الجماعية واَهلها وضحايا الحروب، أفكر في نساء تلك البلاد، كم من صبر أيوب تملك، أفكر في صمت رجل الدين عما يجري للشعب، بينما هو يقف كل يوم امام قبر الحسين يبكيه، أفكر في المثقف العربي، فرغم كل ما يراه من ظلم وبطش لأهله، يرفض ان يكون صوته معهم، أفكر في الموت متى سيكف عن ملاحقة الأبرياء، أفكر في الإله كثيرا وأسأل نفسي بلا هوادة كيف يفكر الإله؟

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s