وليد الزوكاني
اللوحة: ونستون تشرشل (السياسي البريطاني المعروف)
مَنْ يَقْدِرُ أن يَفْتَحَ كُوَّةَ الْعَدَمِ الصَّغِيرَةَ؟
أَن يُفَتِّشَ ثِيَابَ الْمَوْتِ الطَّوِيلَةِ، عَنْ كَلَاَمِ أَخِيرِ؟
كَيْفَ أَتَهَجَّى التَّحِيَّاتِ وَالصَّلَوَاتِ،
وَمُعَلِّقَاتِ اللَّغْوِ فِي المَضافاتِ؟
خُذْ بِيَمِينِكَ..
واخطُ عَلَى نَزْوَةِ الْقَلْبِ هُنَا بِشِمالِكَ،
وَلَا تَسْأَلْ عَنِ الْغَيْبِ فَتَكونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
لَا نِسْوَةً يَرْأَفْنَ بِكَ ويَغْضُضْنَ أَعيُنَهُنَّ
الْجَمِيلَةَ عَنْكَ
كَمْ نَظرَةٍ أَشْعَلَتْ قِنْدِيلَ قَلْبِكَ،
أَنْتَ الْوَحِيدُ،
وَحَوْلَكَ تَطوفُ الْقَبَائِلُ جَوْعَى لِغَزْوٍ جَديدٍ.
أَبِي مَا عَادَ يَطْوِينِي كُلَّمَا أَحْنَى ظَهْرَهُ لِلصَّلَاَةِ
وَلَا يُعَلِّقُنِي بِخَيْطِ الْفَضِيلَةِ،
لِيُبَعْثِرَ حَوْلي، مَكَارِمَ الخُلُقِ الْمُهَشَّمِ.
كَانَ رَجُلَا قَبِيحَا إبْلِيسُ
يَخْطَفُنَا مِنْ سِيَرِ الصَّالِحِينَ
وَيَرْمِينَا كَالْثَّعَالِبِ حَوْلَ مَزَارِعِ الْعِنَبِ الْمُحَرَّمِ.
وأمّي، تُعَطِّرُ الصُّبْحَ بِخُبْزِهَا السَّاخِنِ
وَهِي تَنَشُّرُهُ عَلَى أَذْرُعِ الضَّوْءِ النَّحِيلَةِ
تَفْتَحُ يَدَهَا، عَلَى أُفُقٍ مِنْ سَنَابِلِ الرَّغْبَةِ،
تَدْلُقُ فِي الْبَيْتِ دَلْوَ الْعَمَلِ الشَّاقِّ، لِيَكْبُرَ الْعِفْرِيتُ،
هَكَذَا كَانَتْ تُسمِّيني.
غِبْتُ مَرَّةً عَنْهَا
تَتَبَّعَتْ خَيْطَ الْحَلِيبِ إِلَى رُكبَتَيِّ صَبِيَّةٍ، تَفَتَّحَتَا فِي صِبَايَ،
اِبْتَسَمَتْ، وَقَالَتْ: كَبُرَ الْعِفْرِيتُ.
نَتَقَلَّبُ فِي وَجَعِ أَبِي
نُقَلِّبُ فِي خَطْوِهِ، أَمَكَنَةً، لَمْ تَزَلْ عَالِقَةً هَهُنَا فِي قَدَمَيْهِ،
قُلْ لَنَا يَا أَبِي:
كَيْفَ رَوَّضْتَ النَّجْمَةَ، حِينَ اِنْقَلَبَتْ عَلَيْكَ الطَّرِيقُ؟
وَكَيْفَ طَوَيْتَ العَتْمَةَ ونَفَضْتَها مِنْ ذِئَابِ الْجَبَلِ؟
قُلْ لَنَا
كَيْفَ كَانَ يَعُودُ الْحِصَانُ وحيداً،
مِنْ آخِرِ الشَّغَفِ إِلَى الْبَيْتِ،
مَهْمَا ابْتَعَدْتَ بِهِ؟
وَكَيْفَ يَعُودُ السُّنُونُوُ حَامِلًا كُلَّ الْجِهَاتِ
الى سَقْفِنا؟
قُلْ لَنَا يَا أَبِي
لِمَاذَا الدَّارُ وَاسِعَةٌ
وَالْأرْضُ ضَيِّقَةٌ
وَالسَّمَاءُ
أصْغَرُ مِنْ سَمِّ إِبْرَةٍ؟
مَا زِلْتُ أذْكُرُ وَقْتَ الرَّحِيلِ
وَنَحْنُ نَصُرُّ زُوَّادَةَ الْقَلْبِ مُبْتَعِدِينَ عَنِ الْحَرْبِ،
كَانَتْ حُقُولُ الْقَمْحِ شَاخِصَةً سَنَابِلَهَا نَحْوَنَا
وَالسَّمَاءُ طَبَقاً مِنْ دَمٍ وَأنِينٍ.
كُلُّ شَيْءٍ ظَلَّ هُنَاكَ
واقِفاً تَحْتَ قَنْطَرَةِ الْغِيَابِ
التّينَةُ فِي بَاحَةِ الدَّارِ،
شَجَرُ الْكِينَا يَحْرُسُ أَعْشَاشَ الْعَصَافِيرِ حَتَّى تَعَودَ
السَّروةُ مَغْرُوزَةٌ مِثْلَ رُمْحٍ
يَحْرُسُ الْبَابَ الْحَزِينَ.
وَحْدَها اللَّهْفَةُ يَا أبي، وَحْدَها
رَكِبَتْ رَأْسَهَا
وَرَكَضَتْ خَلْفَنا.
الله الله
إعجابإعجاب