حُوَارٌ.. فوق السَّحاب

حُوَارٌ.. فوق السَّحاب

د. سعيد شوارب

اللوحة: الفنان السوري ماجد سعدو

يا أيهـــــا السّــــــاري عَلىَ الْمُنْحَنَى

يَجُــرُّ قلْبـــًا مُثـْخَـنًـا.. مُثـْخَـنَـا!

أنتَ علىَ السُّــحْبِ.. فما للخُطَــــــــا

مَسْـــــنُونةً؟ حَســبْتُها الألْيَنَــــــا!

قلتَ : هُوَ الإنْسَــــــــانُ في أرْضِنَــــــا

فهــــذهِ السُحْبُ.. فمن أَنْسَــــــــنَا؟

طائـــــــــــرةٌ ذائبــــــةٌ في الْمـَـــدَى

ذاهبــــــةٌ للشْـــوقِ، إذْ أذَّنَـــــــــــا

تبــاركَ الرحمـــــــــــنُ.. من تحْتِهَا

كوْنٌ غــــــدَا في فتنـــةٍ مُعْلَنَـــــــــــا

شـــــــــلالُ ألْــــوَانٍ صَحَـــــا هَاتفًــا

فأيقظَ الشمسَ، وَمَا اسْــــــــــــــتأْذَنَا

فحمَّمَ الفجْرَ مع الـــــــورْد مع اللّيلكِ

خلْفَ التــــــــــــــلِّ.. ليْـتي أنَا!

وَابتكَرَ الصّحراءَ والبْحـــرَ والأَسْـــرارَ

فــــوْقَ السُّـحْبِ، مُسْــــــــــــــتوْطَنَا!

وَألّفَ الغيْــــــــــــــــمَ رُكامًا وأعْلامًا

وَفيْضًا في كتَـــــــــــــــابِ السَّــــنا!

رَائعــــــــــةً.. كالبحْـــــرِ لمَّا طغــىَ

خَاشــــــــــــــعةً.. كالقلْبِ لمّا اغْتَنَى

تلفَّعتْ بالأرْجُـــــــــــــــــــوانِ الذي

رَفَّ.. فَصَـارَ الصمتُ ذوْب الْغِنَـــــــا

أسْــــــــطُورةُ الألْـــــــــــوانِ مَعْزُوفَةً

تبـــــــــــاركَ اللهُ الذي لــــــــوَّنَا!

دَعْ عنْكَ همَّ الأرضِ وَاشــــــــربْ هنـا

سِحْرًا.. فليْس السّـحرُ إلا هُنــــــــــا

كفَــاكَ حُـــــــــزْنًا صَامتًا.. أطلقْ الآهَ

فإنّ الدّمـــــــــــــــــــعَ لنْ يُذْعِنَـا!

مُغامرٌ في الحـــــــــــلمِ؟ كمْ موْطــــنٍ

للحُــــــلْمِ، أضحَى للأسَى مَوْطنَــــــا

وكمْ غدَا مجْلَى مُنَــــــــــــــــاكَ الذي

قدْ عِشْــــــتَ ترجُو، للمنى مَدْفَنَـــــا

أمْعنْتَ في خَطْوكَ لمْ تنتَبِــــــــــــــــهْ

والدّهـــــــرُ في خُطتــــــهِ أمْعَنَـــا!

وَالدّهرُ سَوَاقٌ غشـــــــــــــومُ العصَـــا

يَسْتقبحُ الحسْنَ.. إذا أحْسَـــــــــــــنَا

يَجدُّ في رَصْــــــــــــــــــدكَ مُستخفِيًا

كالموْتِ يَسْرِي في رَطيب الْقـَنَــــــــــــا

حتى إذا ما خِلتَـــــــــهُ غَافِــــــــــلاً

أتَاكَ مِمَّا خِلْتَـــــــــــهُ مَأمَنَـــــــا!

رَحىً من الأيـْـــامِ مجْنُــــــــــــــونَةٌ

» تمْضِي عَليْنَــا.. ثمَّ تمضِي بِنَــا «!

مَاذا جرَى؟ اشــــربْ من رَحيقَ المدَى

خمْرَ المدَى، فعُمْــــــــــركَ اغْضَوْضَنَا

ــ : تسْـــــألني عَنىِّ، وعَمَّا جـــــــرَى؟

مَنْ لي بمَنْ يُخــــــــــــبرنِي مَنْ أنَا؟

مَنْ لفَّني بالحُـــــــــــزْنِ حتى بَـــــدَا

فجْرِي غَريبًا مُسْتحيـــــــــــلَ المُنَى!

وخطوتي ضاعَتْ بدَرْبِ الأسَـــــــــــى

وصَرْخَتي ضَاعتْ بَســـــــــــمْع الدُّنَى

قدْ كانَ لي زَهـْـــــــــرٌ، ونَهْرٌ، وَلِي

فجْرٌ علىَ الدُّنْيا، بَهيُّ السَّــــــــــــنَا

كانَ بعيـــــــــــــدًا أرْتجي خَطْـــــوَهُ

كمْ أَتّقيـــــــــهِ الآنَ، لمَا دَنَـــــــــا!

كانَ غَدِي كالنخـــــــــــــلِ، مَنْ هَزَّهُ

بالحبِّ، أعْطـــــــــــاهُ رَطيبَ الْجَنَى

بَنَاهُ لي من كبْريَــــــــــــــــــــاءٍ أبٌ

فعَلّمَ الأرضَ شـــــــمُوخَ الْبـِنَــــــــــا

وَعَلَمَ النّخـــــــــــــــــلَ عِنَـــاقَ المدَى

يَاْبَى عَلىَ الرِّيـــــح انْبطَاحَ الْخَنَـــــــا

كيفَ غدَا مُرْتَجفًا، ذا هِـــــــــــــــلاً

تَراهُ مِنْ قبْلِ الرِّيــــــــــاحِ انحْنَىِ!

وَأدْمَنَ القُبــــــــــــــحَ، فإنْ زِدْتَــــهُ

قُبحيْنِ، حيّــــــا الفضْلَ واستحسْنَا!

يَا هَا هنــــــــــــا.. أيْنَ أنا؟ كان لِي

إِسْمٌ.. فما اسْمي الآنَ يا هَا هنـــــــا؟

وَهلْ أَنَى للقلْبِ أنْ يَشْـــــــــــــتَهِي؟

ما الصّبحُ إنْ جَاءَ قبيـــــــــــحَ المنَى؟

أتْقنْتَ في صَمْتِــــــــــــــكَ ذُلَّ الدّجَى

ما عجَبٌ تلْقَى الأَسَى مُتْقَـنـــَــــــا!

أنتَ الذي ماتَ لكي يَشْـــــــــــــتَهِي

لا يَشْــــتَهِي مَنْ مَاتَ إلاّ الْفَنَــــــــا!

قمْ عَانـــــقِ الفجْــــــرَ علىَ أفْقنَــــــا

قدْ عَانقَ البَــــــــــرْقَ، وَمَا اسْتأْذَنَا!

لا يأذَنُ الليــــــــلُ لفَجْــــــــــــرٍ إذَا

أزاحَـــــهُ لِكَيْ يَضــــــــــئَ الدُّنَى!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s