حانة الشعراء
اللوحة: الفنان الأميركي يعقوب لورانس
يا بُعدَ غايَةِ دَمعِ العَينِ إِن بَعُدوا
هِيَ الصَبابَةُ طولَ الدَهرِ وَالسُهُدُ
قالوا الرَحيلُ غَداً لا شَكَّ قُلتُ لَهُم
اليَومَ أَيقَنتُ أَنَّ اِسمَ الحِمامِ غَدُ
***
ما لِاِمرِئٍ خاضَ في بَحرِ الهَوى عُمُرٌ
إِلّا وَلِلبَينِ مِنهُ السَهلُ وَالجَلَدُ
كَأَنَّما البَينُ مِن إِلحاحِهِ أَبَداً
عَلى النُفوسِ أَخٌ لِلمَوتِ أَو وَلَدُ
***
لَقيتَهُم وَالمَنايا غَيرُ دافِعَةٍ
لِما أَمَرتَ بِهِ وَالمُلتَقى كَبَدُ
في مَوقِفٍ وَقَفَ المَوتُ الزُعافُ بِهِ
فَالمَوتُ يوجَدُ وَالأَرواحُ تُفتَقَدُ
***
قَلّوا وَلَكِنَّهُم طابوا فَأَنجَدَهُم
جَيشٌ مِنَ الصَبرِ لا يُحصى لَهُ عَدَدُ
إِذا رَأَوا لِلمَنايا عارِضاً لَبِسوا
مِنَ اليَقينِ دُروعاً ما لَها زَرَدُ
***
إِن تَنفَلِت وَأُنوفُ المَوتِ راغِمَةٌ
فَاِذَهب فَأَنتَ طَليقُ الرَكضِ يا لُبَدُ
لا خَلقَ أَربَطُ جَأشاً مِنكَ يَومَ تَرى
أَبا سَعيدٍ وَلَم يَبطِش بِكَ الزُؤُدُ
أَما وَقَد عِشتَ يَوماً بَعدَ رُؤيَتِهِ
فَاِفخَر فَإِنَّكَ أَنتَ الفارِسُ النَجُدُ
لَو عايَنَ الأَسَدُ الضِرغامُ رُؤيَتَهُ
ما ليمَ أَن ظَنَّ رُعباً أَنَّهُ الأَسَدُ
***
فَاِفخَر فَما مِن سَماءٍ لِلنَدى رُفِعَت
إِلّا وَأَفعالُكَ الحُسنى لَها عَمَدُ
وَاِعذِر حَسودَكَ فيما قَد خُصِصتَ بِهِ
إِنَّ العُلى حَسَنٌ في مِثلِها الحَسَدُ.