اللوحة: الفنان العراقي علي رشيد
لا أستطيع الاستمرار في تلك اللعبة
فقد سئمت التأرجح بين احتمالات كثيرة
بعد هجوم النسيان الشرس
وانهيار دفاعات الذاكرة
الذاكرة التي كانت طوع يدي
الآن تخونني
وتستمتع بلعثمتي
حين تتوه مني الأسماء
وأتجاهل أعز الأصدقاء
وأحتضن غرباء يبعدونني برفق ورثاء
أعرف أنني قسوت عليها
بكثرة القراءة والتجوال والمعارك
وراكمت فيها كل متناقضات الحياة
من عصا المدرس الهائلة
للاقتتال على الكرات والبنات
لصراع الطبقات
لحجرات العمليات
للفشل في وقف زحف الموت
وجبروت النهاية
ما أبشع الاحتضار
حين تنجح العملية ويموت المريض
حين تنتحي جانبا وتستغرق في البكاء
لكنها الذاكرة الخبيثة
مسحت أفراحنا الصغيرة
حبيباتنا اللواتي غادرننا
على سلم الحافلة
وتركننا ننتظر في قاعات المحاضرات
ومحطات الباصات
والنوادي والأرصفة
وها أنا لا أزال
أدعك الذاكرة
لأحصي حبيباتي
وخيباتي
في محاولة لشحذها
حتى لا أخرج ذات صباح
لا أعرف وجهتي
ولا اسمي ورسمي
أو تصدمني عربة طائشة
وأنا أتلفت حولي
باحثا عني فيّ
وأنا أستوقف شخصا ما
يَدُلّني علي.