هالة يوسف
اللوحة: الفنان الإنجليزى فرانك برنارد ديسكي
كاد قلبها أن يتمزق من هول الموقف، عندما انهالت عليها كلمات الفراق، وسيقت إليها زمرا زمرا.. تخبرني أن الأمر بينهما قد أنتهى وأن قلبها هان على من أحبت.. تسألني: ماذا أفعل، كيف أُطفئ شوقي إليه؟ كيف أتخلص من حبي له واسمه يُضيء قلبي، وحبه يملك علي كياني؟
فأجبتها: عليكِ بالصمت والتحمل، وتجاهل الأمر كأنه لم يحدث.
فتقول: كيف أتحمل وهو راحة روحي، وعزة قلبي، ونبراس حياتي؟
لم أجد ردا على أسئلتها التي انهالت علي فجأة، كانت تتحدث بلهفة وحُزن، وشقت للدموع في عينيها سبيلا، وخرجت منها شهقة كدت أظُن أنها شهقة الموت، يصدر من قلبها صوت آنين يكاد أن يُمزق روحها إربا إربا..!
لم أعلم حينها ماذا أفعل، وما الجواب على أسألتها.. بماذا أُجيب وقد اعترفت لي أنها كانت بالأمس تخطط لتقبيله وضمه لأول مرة؟ أخبرتني أن لديها رغبة شديدة في ضمه ولكنها تخشى أن يُقبلها، فأخبرتها أن الحب لا يعرف حدود، ولو كانت ترغب ضمه، فلتفعل ذلك دون خوف، ولا بأس بقُبلة خفيفة لطيفة حتى ولو كانت على الشفاه.. في الحقيقة، هي كانت تخطط لعدة أمور جميلة، لكن القدر تغير فجأة وربما أصبح الفراق حليفهما.
كانت كلما حدثتني عنه تنهال عليه بالشتائم؛ تخبرني أنه لا يأبه لأمرها، وأنها أصبحت مُهمشة وليس له رغبة بوجودها، ولا تشعر أن لها في حياته أي قيمة.
في الحقيقة أيضا، أنا على يقين من أنها تقول ذلك من شدة حبها له، فكلما نما حبه في قلبها، زاد احتياجها له، وأرادت من وقته وقتا أكثر، ومن اهتمامه اهتماما أكبر.
أخبرتها أنها مُخطئة، وأن الحب لا يتلاشى في لحظة، وإنني شخصيا إذا وجدت من يهتم بي أقل من نصف اهتمامه بها فلن أتركه، ولن أفعل مثلها، سأحاول أن أكون مُتفهمة أكثر وناضجة بما يكفي لأتفهم مواقفه.. حينها حدثتني نفسي قائلة: لكنك مجنونة، ولا تمتلكين في الحب عقلا، ولا تعرفين معنى النضج، ربما ستكونين أسوأ منها، ولكن ما أود أن أخبرها به، أن الحب الصادق لا نجده كل يوم، ولن نجده في الأزقة والغُرف المُظلمة.. الحب في العتاب، في المحبة والتفاهم والود.. الحب في الاعتذار وبعض المواساة، الحب في كل شيء، في كل فعل يحمل المودة والرحمة، لكننا لا نراه؛ بسبب رؤيتنا الخلافات فقط، والتسابق فيما بيننا على من لديه القُدرة على البُعد والتخلي أولاً، حينها يكون الفراق حليف مؤكد، ومن يظن أنه بات لازما، فهو المهزوم حقا، والغريب في الأمر، أن الفاظ الحب باتت كثيرة، لكن أفعاله أصبحت قليلة، لذا احرصوا دائما أن تكونوا أحبابا فعلا ولفظا.