سعد عبد الرحمن
اللوحة: الفنان السوري محمد غنوم
صيغ صرفية للدلالة على معان معينة
للغتنا العربية نظام مدهش يهيمن على الكثير من أوضاعها وكأن هناك عقلا حيا يمنطق قواعدها النحوية ويهندس صيغها الصرفية.
ومن الأدلة على ذلك اطراد بعض الصيغ الصرفية في الدلالة على معان معينة، مثل ما ذكرناه من قبل في إحدى فوائدنا اللغوية عن اطراد صيغة (فعالة) بضم الفاء في الدلالة على بقايا الأشياء وزوائدها قليلة القيمة، مثل قلامة وقصاصة وبرادة وخلاصة وعجالة وحشاشة إلخ.
ومن الأدلة على ذلك أيضا اطراد صيغة (فعالة) بكسر الفاء في الدلالة على الصناعات والحرف، مثل فلاحة وزراعة وحدادة ونجارة وحلاقة وحجابة وخراطة وحراسة إلخ، وفي الدلالة على الولاية مثل خلافة وإمارة ووزارة وسفارة ونيابة إلخ.
واطراد صيغة (فعال) بضم الفاء في الدلالة على الأصوات، مثل نباح وعواء وثغاء ورغاء وخوار وصراخ ونواح، أو الدلالة على الأمراض، مثل زكام وصداع ودوار وسعال وهزال وبهاق إلخ.
وهناك صيغة أخرى تطرد في الدلالة على الأصوات ك(فعال)، هي صيغة (فعيل)، مثل صهيل وشهيق وزفير وهديل وهدير وحفيف ورفيف ونعيق ونعيب ونحيب إلخ.
الأصل الفصيح للفظ عيَّط
في العامية المصرية لفظ (عيط) بتشديد الياء أي بكى، والعياط بكسر العين هو البكاء بصوت مرتفع، وفي بعض مناطق الصعيد الأوسط عيط عليه أي نادى عليه بصوت عال، وكلا الاستخدامين له أصله في اللغة الفصيحة، فمادة عيط تعني الامتداد والاستطالة في العنق، فيقال رجل أعيط أي طويل العنق، وامرأة عيطاء اي طويلة العنق، ولذلك استعير اللفظ في العامية للدلالة على امتداد الصوت واستطالته في البكاء والنداء.
معجم (الصِّحاح) بكسر الصاد وفتح الحاء
من أشهر معاجم اللغة تداولا بين أيدي الطلاب والناشئة معجم (مختار الصحاح) لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (المتوفي سنة 660هـ/1261م) وينطق كثيرون اسم المعجم خطأ، فيفتحون الصاد ويشددون الحاء في المضاف إليه (الصحاح)، بينما نطقها الصحيح بكسر الصاد وفتح الحاء دون تشديدها، لأن (الصحاح) هي جمع (صحيح)، وسمى الرازي معجمه بهذا الاسم لأنه اختصر فيه معجم (تاج اللغة وصحاح العربية) لإسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة 393 هـ ١٠٠٣ م، ويشتهر معجم الجوهري اختصارا باسم (الصحاح) أي الكلمات الصحيحة في اللغة العربية، لذلك فإن معجم (مختار الصحاح) هو معجم يضم ما اختاره الرازي من معجم (الصحاح) للجوهري من مفردات.
ويعد معجم (الصحاح) للجوهري أو (تاج اللغة وصحاح العربية) إذا سميناه باسمه كاملا، من أوائل ما صنف من معاجم في اللغة العربية، ويصف ياقوت الحموي مؤلفه بأنه “كان عالما فطنا ذكيا“.
ومن الطريف تعرف الجوهري صاحب معجم (تاج اللغة وصحاح العربية) بأنه مات طائرا، وتفسير ذلك أنه حاول الطيران فأخفق وسقط ميتا، ومحاولته الطيران تعد أسبق من محاولة عباس بن فرناس لكن للشهرة أحكام.