أحمد الموسى
اللوحة: للفنانة الإنجليزية فرانسيس بيل
وا أسفاهُ،
ما زلتُ أسمعُ أصواتَ الرجاء،
مِثل الأذان.. في أحزانِ السماء.
والدموع أمطارٌ، من مقلِ الغيومِ
تتكاثرُ بلا رحمةٍ، في قلبها الباكيْ.
وتنمو آهاتي معها كأنها جبلٌ
يفيضُ حُقولاً قاحلة،
تجثو قربَ قدَميها الريحُ:
“وا أسفاهُ، كم كنت أظنها حياة”.
فيشتدُّ الليلُ؛
بركانًا يشبُ من براعم عمري
الى غدٍ فَوقيَّ يحومُ بين النجومِ،
يعزفُ صوتهُ المجروح في دمي:
“أواه، أواه”.
ردّي عليَّ أيتها الأرضُ!
ستجيئكِ الأيام بحلّتها السوداء،
كي تعزّيَ حُزنكِ، وبيدها كفنُ الضياء!
تجلسُ وحيدةً، باكيةً على العمر
الذي يضيعُ هباءً، حيثُ لا يُشَمُّ
رائحةً للحياةِ في الحياة!
فالأيامُ منهكةُ الأنفاسِ،
كغزالةٍ رَكَضتْ، رَكَضتْ
فكان العطشُ قدرًا بسيطًا،
أقرب من ومضةِ عَينْ..
والغيثُ مصلوبًا على الأفقِ،
يخلع النوم بأكفِّ فالتةٍ مِن عُنقِ الصمت،
رَكَضتْ وسَبَحت بلا أمل في الطِين
تتحرى النبع المستباح.
فما بعد ضيق مسالكه ومزاياه؟
سوى التراب يسد العيون.
وتَطْولُ في فمي: “وا أسفاهُ”
سأبقى هُنْا، أسمعُ أصواتَ الرجاء!
كيف إذن سأُعيد صوتًا ضاعَ؟
أو.. أليس عليَّ بالأحرى أن أعيد أولًا نفسي
من أرضِ الزوال!