نورا أحمد
اللوحة: الفنانة الأميركية جوانا بارنوم
المرأة – والأنوثة – هي كيان وجودي أودع فيها الخالق معجزة الخلق جميعا، المرأة هي الحقيقة الثابتة في كم المتغيرات المتتالية، المرأة هي السلام لحروب الكوكب أجمعها، المرأة هي الارض التي تصمد امام ملاحم ودماء الرجال الحمقى في الحروب العالمية والمحلية والقبلية والاسرية، المرأة هي الغيمة الحبلى بمطر ينزل حينا جارفا ساحقا لصراعات الذكور الغبية ويا له من مطر؛ وينزل حينا رحمة وعطية وما أكبر البون، المرأة هي السماء التي تدورون في أفلاكها يا كوكبة الرجال الحقيقين النادرين والذكور الذين ملأوا الأرض عرضا وطولاً.. ينطفئ منكم من ينطفئ ويضيء منكم من يضيء وهي ذات السماء.. فكيف يتجرأ رجل أن يهدر كرامة الكون بإهدار كرامة امرأة يظن نفسه باسم الذكورية مالكها؟ من مَلكّكْ؟ وأين الصك؟ أين صك الملكية.. هاه؟
كيف يتجرأ رجل أن يمد يده على امرأة؟ وماذا سيبقى له من احترام ذاته بعدها؟ تباً لذكر يدعي الرجولة ثم يرفع اليد التي يفترض انها للحماية، للبذل، للمنح والعطاء على زوجته أو أخته أو ابنته كاسرًا لخاطرها الرقيق!! من تظن نفسك يا هذا بربك؟ هيا تحدث لكي أراك أيها الفارغ الخاوي المتجرد من أقل معاني الإنسانية! عليك من الله ما تستحق! وعليك لعنات الله في كل الكتب السماوية وبكل المعاني الأخلاقية التي مضت والباقية!
كيف تظن أنك تقمع الريح عن الهبوب إذا ما ضربتها! أفق من غفلتك يا هذا فهي وربي الريح والجبال والبحار والسموات، فهل بيدك التي ضربت تملك إيقاف قوة الله الكونية؟
اعلم أيها المختل أن مكانك هو الغابة حيث تواجه أسودها المتوحشة وتعاملك بالمثل فتمزق كرامتك وتمرق حياتك وانت مسلوب الإرادة والحول والقوة! كيف تظن أنها أضعف منك جسديا فتستقوي! كيف لك ان تمارس حياتك بعدها وكأن شيئا لم يكن! هل ظننت أنك قويا عندما ضربتها!
ألا شُلَّت يديك!
إذًا فـ لتعلم أنك بلا عقل وبلا مروءة وبلا ذرة من حكمة! اعلم إنك إذ ضربتها فإنما ضربت الحرية والحق بيد ضعيفة لا تطول إلغاء أحدهما لأنهما باقيان الى أن تزول الارض! هل أخبرك أحدهم يا هذا ان العبيد تحرروا! وبأنك الوحيد الذي تظن بغبائك انها جارية تجلدها بسوط ظلمك وتحلم أنها ستعود لتسكن تحت ظلك! اي ظل هذا؟
لأن تعيش الحرة مواجهة قطيع ذئاب، أو في حر الصحراء الحارق بلا ظلال أهون عليها ألف ألف مرة من إهدار كرامتها بهذا الشكل! فإذا كنت تظن نفسك قويا لهذا الحد وتجرب استعراض عضلاتك الرديئة، فاذهب واصطنع شجارا مع رجل يكافئك في القوة الجسدية والعقلية ربما! قبحك الله يا هذا بقدر ما سببت لي شعورا بالغثيان لازمني مُذ عرفت وسمعت عن فعلتك التي فعلت.
أما أنتِ أيتها الحرة، أنت أقوى مما تظنين! إذا ظننت أن دمعات السَحَرْ ضعف فأنت واهمة إنما خلق الدمع لتتنفسي بعده الراحة المطلقة!
إذا ظننت ان ذكرًا صفعك بحماقاته وعكر حياتك فتخيلي معي كيف ستجعل منك هذه الصفعة في الغد امرأة مستقلة مناضلة!
إذا ظننت بأنك مسلوبة الحلم لأنك لم تدرسي التخصص الذي تحبينه فالتي تحدثك درست ما تحب بعد أن بلغت الثلاثين ولا بأس بأن تعودي لتدرسي وتركضي خلف أحلامك بعد الخمسين أو الستين او أي وقت من عمرك!
إذا ظننت أن دربك مفروش بالصعوبات والمشاق فإنه لم يكن هكذا إلا لكي يكون للوصول طعم فريد، وللنجاح المغموس بقطرات العرق وليل طال فيه السهر فرح آخر، أليس هذا نجاحا متميزا وله نكهة سعادة روحية خاصة لا توصف؟
ستصيرين يومًا ما تريدين وستصلين إلى مكان ظن الآخرون أنك لن تصلي إليه!
ستحققين أحلامك وستطير فراشاتك في سمائك، يغمرها سناؤك، وبهاؤك لن يكون له نظير!
الحياة محض عبث إذا لم تصدقي أنك أقوى! لك في العالم مكان فانهضي، انفضي حزنك عن كتفيك، وبعد أن تبكي ما وسعك البكاء قومي واصنعي مجدك! أنت امرأة محاطة بهذا الكَبَد لكي تتوهجي بعدها ويصير لكِ ذلك الألق فتزهرين حديقة متميزة بزهورٍ ألوانها شتى، ثم بزهو تنظرين للحياة ساخرة من عبثها معك! أنت أقوى يا صديقتي مما تظنين ويظنون.
“ينطفئ منكم من ينطفئ ويضيء منكم من يضيء وهي ذات السماء”
ماذا أقول يا نورا و بحق الله كم من كلمة “الله” تكفي لتعبر عن مدى حروفك التي تصيب الفؤاد و تلمس المشاعر ..
لا فُضَّ فوك، لله درك، طابت أنفاسك و أصبتِ كبد الحقيقة، يا ابنة الحرف نورا نحن نعيش في مجتمع ذكوري بحت يظن بأن قوته تكمل في إهانة المرأة، أنتِ صوت المرأة، أنتِ من أفتخر بكِ بأن هذه الحروف تخرج من امرأة عظيمة لا ترضى بالعنف بكل انواعه واشكاله، دمتِ دومًا للحرف عنوان وللأبد أنا كلي محبة و اعجاب بعمق حروفك و كلماتك.
إعجابإعجاب