يوم في حياة طبيب

يوم في حياة طبيب

د. شارلوت ميدلتون

ترجمة حانة الشعراء

اللوحة: الفنان الأمريكي روبرت ريجز

يمكن أن تكون الحياة المهنية كمحترف للطب مجزية، لكنها صعبة في الوقت نفسه، فيوم واحد في حياة الطبيب قد يكون متنوعًا ومكثفًا وحافلا بشكل لا يصدق.

أنا الدكتورة شارلوت ميدلتون، كبيرة المستشارين السريريين والممارسين العامين في مركز المدير الطبي التخصصي، أحب أن أصطحبكم في رحلة تكشف لكم يوما من أيامي المعتادة كطبيبة من الصباح حتى الليل.

في الثامنة صباحًا: أركض إلى المقهى المجاور لتناول القهوة الصباحية التي تجعلني نشطة طوال اليوم، ثم أعود إلى غرفة الاستشارات الخاصة بي لإكمال بعض الأعمال الإدارية التي عليّ إكمالها.

ثم حتى التاسعة صباحًا أجري اتصالاتي بالمرضى لتأكيد نتائجهم الطبية، واطلب من موظفي الاستقبال إرسال تقريراً نصياً بالمضادات الحيوية بالفاكس. ثم أكمل أوراق الإحالة إلى الطبيب المختص للمراجعة العاجلة، وأرسل الرسائل بالفاكس إلى الأطباء المتخصصين.

التاسعة صباحًا: على الرغم من حرصي على مواصلة الجهود للانتهاء من أعمال الصباح في الوقت المحدد، إلا أن موظفي الاستقبال تمكنوا من محاصرتي، طالبين “تدخلا سريعا” لرؤية امرأة في منتصف العمر تعتقد أنها مصابة بالتهاب رئوي.. اتضح أنها مجرد عدوى خفيفة في الجهاز التنفسي العلوي، لكن بعد ذلك تذكرت المريضة ألم الصدر الذي عانت منه مؤخرًا، فأدخَلَنا ذلك في دائرة جديدة من الفحوصات المكثفة، ما أدى لحجزها في قسم الرعاية الخاصة.

منذ التاسعة صباحًا، وحتى وقت الغداء، كان يومي مليء بعدد من المرضى ممن لديهم مشكلات صحية مختلفة: كبار السن المرتبكون القلقون، آخرون يعانون من آلام الأذن، والبعض من التهاب الجيوب الأنفية، وهناك من يعاني من القلق والاكتئاب، بعض المرضى لديهم اشتباه بكسور في الأصابع، آخرون يعانون من القيء والإسهال، وهناك مرضى ضغط الدم، وآخرون يطلبون النصائح الصحية للسفر، البعض يطلبون فحوصاً تتعلق بالأمراض المنقولة جنسياً، ثم أخيرًا كان هناك مريض مصاب يحتاج لاستئصال قطعة كبيرة من الزجاج في أعماق الركبة. 

وقت الغداء: كنت على وشك الذهاب لتناول الغداء عندما أمسكتني الممرضة لرؤية شخص في غرفة العلاج يعاني من ضيق في التنفس.. حان الوقت الآن تقريبًا لبدء قائمة ما بعد الظهيرة، أتناول الغداء أثناء وأنا أتابع ملاحظاتي.. كان عليّ طلب موعد عاجل لفتاة يشتبه في إصابتها بمرض الاضطرابات الهضمية، ثم ذهبت أناقش أخصائي الغدد الصماء حول النتائج الأخيرة للغدة الدرقية لمريض معقد.

1:30 – 5 مساءً: ابدأ المواعيد بعد الظهر بقائمة المريضات في مرحلة التعافي من سرطان الثدي، وآخرون أصيبوا بعضة الكلاب وبيانات التطعيمات لمدة 12 شهرًا، بالإضافة إلى إعداد خطة الرعاية والإحالة الفيزيائية لبعض المرضى، وهناك طفل يعاني من الطفح الجلدي (الذي انتهى بي الأمر بإرساله إلى الطوارئ)، والبعض يعانون من آلام الظهر ويحتاجون لطرق علاج الألم، بالإضافة للمناقشة حول سبب حاجتنا لتقليل مسكنات الألم المذكورة، وهناك حالات مصابة بجروح تحتاج للمراجعة الدورية في غرفة العلاج، وكان علي تقديم المشورة لأرملة حزينة، ومناقشة نتيجة تحليل INR وجرعات «الوارفارين» والتهاب اللوزتين.. الآن أنهيت اليوم بسلام، مع أنباء سارة أن إحدى مريضاتي، التي كانت تحاول الإنجاب منذ سنوات، أصبحت أخيراً حاملًا عن طريق التلقيح الاصطناعي.

5 – 7 مساءً: اقضي الساعات القليلة التالية في فحص النتائج، واتصل بالمرضى لمناقشة بعض هذه النتائج، وأرسل رسائل ونصوص إحالة بالفاكس. أتابع الرسائل وأقوم بتدوين الملاحظات حول ما يجب القيام به في اليوم التالي. 

7 مساءً: أخيرًا حوالي الساعة 7 مساءً أحزم أغراضي الخاصة وأتجه عائدة إلى المنزل لعائلتي الجميلة. أضع الأطفال في الفراش ثم أجلس على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، أدخل النظام عن بُعد لمعرفة نتائج بعض الفحوصات، وإكمال الملاحظات الخاصة بالمرضى، وهو ما يحتاج لمدة 90 دقيقة أخرى قبل الاعتراف بالهزيمة أمام الإنهاك الشديد، والتوجه إلى الفراش.

الكثير من العمل في وقت قصير جدا، أقول لنفسي: انت لست وحدك، غالبية الأطباء العامين هكذا، وليس من المستغرب أن تجد ذلك عندما تنظر إلى يوم نموذجي في حياة الطبيب.. حيث عاينت 32 مريضًا، تحدثت عبر الهاتف إلى 10 آخرين، تحدثت إلى عدد من المتخصصين، أرسلت العديد من الإحالات والنصوص بالفاكس، قضيت ساعات في التحقق من نتائج الصور والتحاليل واللحاق بالمسؤولين. كثير من الأطباء العامين يعانون من الإجهاد والإرهاق، وعلى الرغم من أنني قد أكون صوتًا واحدًا فقط في هذه المهنة، إلا أنني أعلم أن معظم الأطباء يشاركون في هذا الضغط المستمر، ورغم ذلك، فكثير من المرضى ينتظرون.. إن ضغط العمل الإداري وكيفية ملاءمته لا ينتهي أبدًا، لكن بعد كل ذلك، أنا أحب ما أفعله. 

أن تعمل كطبيب يقيس الضغط، ويرى ويشخص الإحباط والقلق، هذا يجعلك بارعا في تشخيص الضحك والرضا والسعادة.

أشعر بأنني محظوظة للغاية لأنني قادرة على القيام بالعمل الذي أحبه بقدر ما أستطيع من مهارة، وكذلك التعرف على مرضاي وعائلاتهم عن كثب، وإحداث بعض التغيير في حياتهم.


شارلوت ميدلتون طبيبة أسترالية متخصصة في الطب التكاملي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s