ضياعُ الذكرى

ضياعُ الذكرى

محمد الشحات

اللوحة: الفنانة الأميركية جوانا بارنوم

عاد إلى صُحبتِهِ 

مدفوعاً بمحبتهم

حين اقتربَ،

تأرجحَ خوفاً

كانت أعينُهُم قد غارت

وانطفأَتْ

وتوارَت خشيةَ

 أن أنتبِهَ لما أحدثَهُ الزمنُ

 بداخلهم

كم مِن أعوامٍ مرّت

لم يلتحف بدفءٍ كان يشعُّ

 إذا ما التقيا

رسم بعينيهِ قناديلَ الفرَحةِ

فأحس بأن رياحَ الجَفوةِ

هبَّت لافحةً

 فانطفأت في داخلهِ كلماتٌ

مما كانَ يرتّبُهُ كيما يسردَهُ

مَن بدَّل فينا رغبتنا

في أن نحييَ ذاكرةَ الأيامِ

ونُخرجها من محبَسِها؟

أمسكَ عبراتِ القولِ

 ولم ينطق إلا بتحايا،

يُلقيها الغرباءُ إذا ما مرُّوا

مِن باب الذكرى،

هل مَن غابَ عن العينِ

يغيبُ عن القلب؟

وهل يتبدَّلُ وهجُ مشاعرنا

فيخرجُ من أغوار الأغوارِ

إلى سطحِ الكلماتِ

فنبدو كمَن نَقَضَت ما غزلتْهُ

من أصوافِ الوجدِ

ومِن أحلام السنواتْ! 

كنت أحاولُ أنْ أحيا

مدفوعاً

بعبارات الشوقِ إلى الأصحابِ

وكنتُ أُمنّي النفسَ

بأن أُخرِجَ من ذاكرتي

 كلَّ شقاوتنا ومرَاحَ ملاعبِنا

مِن لهوٍ يتبعُهُ عُتبٌ،

وخصامٌ يتبعُهُ صلحٌ

ونقاشٌ، وفراقٌ، ولقاءٌ، وحنينْ

ومواعيدُ انعقدتْ لا تكتملُ الآن 

غيابٌ يأخذُ أجملَنا،

وضبابٌ يحجبُ عنّا أنقانا

يأخذ منا أكثرَنا صدقاً

وتظلُّ الصحبةُ تصغرُ

 حتى تصبح ذكرى.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s