نبيلة يحياوي
اللوحة: الفنانة الجزائرية وفاء زهراوي
كيف ترحلين، تختفين
لم ينته الربيع،
بل لم يبدأ لينتهي..
هل أخبروك عن شظايا الدخان
تخفي نور النهار
وتلبسنا غشاوة الليل..
أفيقي الآن..
لا ترحلي قبل الأوان
سمعت نحيب امرأة ثكلى
وصراخ طفل..
وددت إليك لو تعلمين
أن الربيع لا يزورنا
تعاقبت كل المواسم
وكل الفصول..
القرى لم تهدأ في ركنها
تحيك الدجى مع أناشيد الحزن
ولا نسمع إلا وخزات الفؤاد
***
على هامش القصة..
كاتب يكتب
ويراعه يأبى الرضوخ..
والناس في غفلة لا ينصتون
دفنوا كتب الحقيقة في قبو
ولازال صمته يدق في صخب
كأنه يحدّث الجدار…
في آخر الشارع
زنابق اخرى
لا اذكر كيف اختفت
وباب المدينة الدكناء
موصد، وخلفها بقايا الأسطورة
تماثيل، طقوس، وزوايا رهيبة
***
على الأرصفة مشردون كالعادة
وحكايا المارة كل يوم
تشتت مداد اليراع
وأنا أمضي…
كأني أبحث عن ذاتي بين الكل
أفر هاربة إليك…
لأختفي بين ثنايا الربيع
من الطرف الآخر للشارع قنابل
وسواد يصحب رعدا
وموت
يلتف بالجميع،
وشاح الحزن، يتدلى كالعنقود
بين أطراف الحياة
طفل يحلم بالظل
بين أترابه
ويعود من فوهة المستحيل..
من شبح الموت
وقوارب البؤس لا تزال تصرخ
على هامش الفصل
قصة الليل التي لم تنته
ومدن هوت في الأعماق
يرحل الكاتب خلسة
في صمت واندثار الكلمات
تتجلى بين أطراف أنامله..
ويعدّ الحروف النفاثة بالآه
وينهي البداية
يلوذ بنفسه في الرواية الأخيرة
كما كان يحدث لكل المعذبين
تحدثه أساطير القرى،
ونواعير النهر
ودندنات المساء
يتسكع وحيدا،
في دهاليز الدروب
ويختفي حلمه بين قوسين.
***
مات اليراع
ودفنوا الحقيقة في قبو
ولازال صمته يدق في صخب
كأنه يحدث الجدار
والكل في سبات…
سواد يصحب رعدا
أخبرتك يا زنبقة الحقل
أن الظلال الوارفة اختفت
وباب المدينة الدكناء
موصد
وكثير من الحمقى يطلبون مجدا
سخافات حجبت وجه الحياه
بعيدا عن نور الشمس
عن بسمة الأصيل؛
لم يعد البقية كنا كانوا…
الآن..
افتحي .. هواجس الجدار
قبل أن يهوي.
بين طياته سمعت أنينا
يشبه صوت السنديان
خائن يراع البعض…
أتلف لغة الحرية ومضى بعيدا…
وصفق البعض الآخر طروبا..
قالت: ارحلي
فمواجع الفؤاد تدميك
ليس الطريق إليك..
***
لمن الأنين؟
سأنتظر ريثما يشرق الربيع
سيمر بين شفاه الآسرين..
ويعود الكاتب بفجر العقيدة..
تراتيل الحب ..
وترانيم القصيدة..
هل تحملين الفؤاد في راحتي كفيك؟
لم يعد يحتاج لقلب..
لم يعد يكترث لفوضى الكلمات…
دعيه، دعيني..
إنه ينتظر..
ينتظرني..
لازلت ممسكة بظله..
وليل يحيط به جوف الكلمات..
عقد بين شفاهه،
قلت لا ترحلي..
تداهمني لحظة الرحيل..
لقد انتهى الربيع.
***
ويحك أيتها الزنبقة ،
كم مددت العقد يحيينا..
أنك لن ترحلي
فبعد الشتاء …صبيب دموع
وخريف يبكينا..
غرست زهور الأمس، نسمة
من أريجها تحاكينا..
واليوم …انتظار
يمتد في فيافينا
دعيه دعينا…
نحرق رماد مآقينا…
إنه لا يحتاج لقلب..
أثيري أريجك .. حبا يكفينا
لم يعد من غربته…
أقاموا مراسيم الدفن ..
واغتالوا الحرية..
يشتاق لروح..
ونشتاق لماضينا…
ليس بعد…
لم أكمل قراءة الأجزاء..
دعيني ألوذ إليك
قالت طوقي المكان.. وغادري..
الانتظار كله لك…
شقي الطريق ..بديلا
أكله لي ..هذا الجدار..!!
والانتظار..!!
شوطان..غيمتان
تترصدان الطريق..
تداهمان ظلي..
أختفي..
تودعني الزنبقة
ويهوي قلبي قتيلا..