سليم الشيخلي
اللوحة: الفنان المغربي عبد الله الحريري
- أرجوك لا تخبرها. ماسكاً يدي برقة.
- لماذا ؟
- ستحزن، أود أن نفترق مبتسمين بما تبقى..
سحبت يدي، مددتها رأسه ماسحا قلقي وعلى وجهي إرتسمت الموافقة. “جمعة” الثلاثيني
شعلة مرح توزعها فراشاته على الجميع، يشكو من ألم مفاجئ بصدره وتحت الكتفين.
بعد فحص مكثف أجبرتني روحه عليه فشككت بأشياء عديدة لذا طلبت بعض التحليلات وأشعة لأكون ملما لتقديم ما امكنني لرجل من طراز آخر، الأبيض راياته. خرج يمسك كف زوجته كنسمة قائلا بمرح.
- لا تغادر دكتور سأعود سريعا. ليعود بعد نصف ساعة، ستظهر النتائج غدا.
- عد صباحا.
- لا أقدر إلا عصرا، عملي يقتضني صباحا.
لما احتلني مرحه تخليت عن جديتي فسألته دون وعي
- وماذا تعمل صباحا؟
- عامل مطعم بعلاوي الحلة.
- يمكنك تركهم غدا.
- لا.. أدمنتهم ينبوع عفوية وطيب، ثم من يسمع شكواهم ويهتم بها غيري.
كانت يديه تتحرك وهو يشرح لي كيف صالح حسن مع زوجته. تحرك كله في رقصة سرب سنونو مسترسلا كيف جمع من عمال لا يعرفون بعضهم مبلغا لحمزة مساعدة لولادة زوجته، وكيف اعاده خلال ستة أشهر. و.. و. ليفغر فاهي فلم أجد إلا الموافقة على المجيء عصرا من أجله، ظله يرافقني ليدفعني في اليوم التالي طلبت النتائج لأعرف ما به ولتوفير وقته فمستني قشعريرة الخبيث الذي يعلن الحرب عليه ويحتل مساحات شاسعة. انكسرت وانا اكتشف صرحا من رجال عمالقة الأمل يتهاوى بين يدي. لم أسطع طرد كآبتي، مكثت غرفة الاستراحة بانتظار مجيئه. حاولت الغناء وشوشني اصراره أن لا أخبرها ليميل راسي اسفلا
أخبرت موظف الاستعلامات أن يدخله مكتبي أنى أتى. غسلت وجهي محاولا رسم مرح مستمد منه. قدم باريحية مادا يده ليهز يدي فأهتزتا.
- معذرة دكتور سرقت وقتك؟
- قليل بحقك يا جمعة.
كأنه قرأ على عيني بالأحمر ما أود قوله فطلب من زوجته أن تغادر الغرفة وساعدها أن تسرع ثم أغلق الباب.
- إيه دكتور ما لديك.
- الحقيقة أم إبنة عمها.
- لا تعتقد ان الموت يخيفني، فكيف ما دون ذلك.
- إنه الموت المستشري في كل مكان.
ابتسم بجدية ماسا صدره بهدؤ يخاطبه:
- مصيرك يلاحقك سرا وعلانية.
في خضم حيرتي تمنيت أن اساعده فقلت:
- اتسمح لي أن ادفع أجور المستشفى.
- وليكن، وبإبتسامة خفيفة، أعتقد ان رسالتي وصلت اليك.