فعل التفضيل من الثلاثي

يصاغ أفعل التفضيل من الفعل الثلاثي المتصرف التام المبني للمعلوم ولا يصاغ من الفعل الذي يأتي الوصف منه على وزن “أفعل فعلاء” كالأفعال (سود وحمر وخضر) فلا يقال: أسود من.. ولا أحمر من.. ولا أخضر من.. إلا أن الكوفيين أجازوا ذلك في (أبيض وأسود) من الألوان على وجه التحديد، واعتمادا على رأي الكوفيين في جواز ذلك تسامح النقاد القدامى مع المتنبي في قوله:

ابعد بعدت بياضا لا بياض له

لأنت (أسود) في عيني من الظلم 

ولكن مما ورد في القرآن ولم يرد في غيره صوغ أفعل التفضيل من الفعل (عمي) بما يخالف القاعدة النحوية وذلك في قوله تعالى: (من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) ف (أعمى) الأولى في الآية صفة كأعرج وأعور أما (أعمى) الثانية فقد أفادت التفضيل أي (أشد عمى) والدليل على ذلك المعطوف بعده (وأضل سبيلا).

عبد المعطي وليس العاطي

لا تقل: أبهرني وهو شيء مبهر، بل قل: بهرني وهو شيء باهر لأن بهر فعل ثلاثي وليس فعلا رباعيا.

ولا تقل: العاطي هو الله، بل قل: المعطي هو الله فـ (عطا يعطو) الثلاثي يعني أخذ وتناول أي عكس (أعطى يعطي) في المعنى واسم الفاعل منها (العاطي)، ومن ثم فعلى كل من اسمه عبد العاطي أن يغيره إلى عبد المعطي لأن الله لا يوصف بالعاطي وإنما يوصف بالمعطي، والشاهد على أن (يعطو) بمعنى يأخذ ويتناول قول امرئ القيس في معلقته الشهيرة:

وتعطو برخص غير شثن كأنه

أساريع ظبي في مساويك إسحل

(تعطو برخص غير شثن) أي تتناول الأشياء بأصابع لدنة ناعمة لا غليظة ولا خشنة.

وجدت الصورة في أثناء الكتاب 

يقول بعضهم ويكتبون: وجدت الصورة في ثنايا الكتاب يقصدون بين أوراقه، وهذا خطأ لأن الثنايا تعني الأسنان في مقدمة الفم، وتعني الثنايا أيضا المناطق الضيقة المرتفعة من الأرض، ومنها قول الحجاج بن يوسف الثقفي في بداية خطبته الشهيرة أمام أهل العراق:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

والصواب أن نقول ونكتب: وجدت الصورة في أثناء الكتاب أي في تضاعيفه أو بين أوراقه.

حسبت.. بفتح السين وكسرها

(حسبت) بفتح السين تعني عددت، تقول: (حسبت فلوسي) أي عددتها والمصدر (حسبان) بضم الحاء وتأتي مفردة (حسبان) أحيانا بمعنى العذاب كما في قوله تعالى من سورة الكهف: (ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا).

أما (حسبت) بكسر السين فتعني ظننت، تقول: (حسبتك فاهما) أي ظننتك فاهما والمصدر (حسبان) بكسر الحاء.