فائدة لغوية

فائدة لغوية

سعد عبد الرحمن

اللوحة: الفنانة الإيرانية هدى قادري

«بينما» لها الصدارة في الكلام

ما الفرق بين قولك: كلمني فلان بينما كنت أتناول طعامي، وقولك: بينما كنت أتناول طعامي كلمني فلان؟

الفرق هو أن الجملة الأولى خاطئة والجملة الثانية صحيحة، وتفسير ذلك أن (بينما) حين ترد يكون لها الصدارة في الكلام وهذا لم يتحقق في الجملة الأولى وتحقق في الثانية.

اللغوة واللغة والإلغاء

في قريتنا بسوهاج يستعملون كلمة (لغوة) بمعنى (لهجة) وهو استعمال صحيح إلا أنهم يفتحون اللام بينما هي في النطق السليم بضمها، و(اللغوة) هي أصل كلمة (لغة).

ولا يعرف كثير من الناس أن الفعل (ألغى) الذي يستعملونه بمعنى حذف واستبعد أصله (لغا) من اللغو؛ واللغو هو الساقط من الكلام الذي لا يعتد به، ومن معاني اللغو أيضا مجانبة الصواب تقول: (لغا عن الطريق) أي حاد عنه فمعنى (ألغى) مأخوذ من ذلك تقول (ألغيت هذه الكلمة أو هذه الفكرة) أي عددتها لغوا بمعنى أنها غير صحيحة أو لا قيمة لها فأسقطتها واستبعدتها.

وفي قول العامة (تلاغيني ألاغيك) عود إلى الأصل (اللغوة) أي (تكلمني أكلمك)، ومن تأشيرات المسؤولين في الوظائف قولهم على الأمر الذي يرفضون استمراره (لاغي) وهو خطأ فالصواب أن يقولوا (ملغي) لأنها من الفعل الرباعي (ألغى) والمعنى المقصود هو أن الأمر أصبح في تقييمهم مرفوضا وغير مقبول الاستمرار فيه لتفاهته أو عدم صحته، قال تعالى في وصف الجنة: (لا تسمع فيها لاغية) و(لاغية) هنا اسم فاعل بمعنى المصدر (لغو) أي لا تسمع فيها كلاما ساقطا لا قيمة له أو كلاما غير صائب، وقال أيضا عز من قائل: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) أي أيمانكم غير المتعمدة وغير المتعمد من الأيمان ساقط أو غير صائب.

في اختلاف أسماء المماليك

لكل عصر لغته ومصطلحاته، وفي العصر المملوكي يظن بعضهم حين يقرأ مثلا اسم (يشبك من مهدي) أو اسم (ازبك من ططر) ان هناك خطا في كتابة الاسم فيصحح (من) بأن يجعلها (ابن) لكي يقرأ الاسمين السابقين ويكتبهما هكذا: (يشبك بن مهدي وأزبك بن ططر)، وفي الواقع أن (من) في الاسمين صحيحة وليس ثمة خطأ في الكتابة كما ظن، فمن مصطلحات العصر المملوكي أن ينسب المملوك الذي لا يعرف اسم أبيه أحيانا إلى التاجر الذي اشتراه فمعنى: (يشبك من مهدي) اي يشبك المشترى من التاجر مهدي، ومعنى (ازبك من ططر) اي أزبك المشترى من التاجر ططر، ويعرف كلاهما بهذا الاسم طوال حياته.

وهناك من المماليك من ينسب إلى الثمن الذي اشتري به، فقد يكون المملوك الملقب بالألفي كالأمير محمد الألفي مثلا مملوكا لم يعرف اسم أبيه ولأن ثمنه كان ألف دينار أو ألف أردب من الغلال في قول آخر فقد نسب إلى ثمنه، وهناك من ينسب إلى الأمير الذي التحق المملوك صغيرا بخدمته وصار من رجاله فيقال مثلا: فلان الصالحي النجمي وذلك نسبة إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب آخر سلاطين الدولة الأيوبية الذي استكثر من شراء المماليك صغارا وكان يربيهم تربية عسكرية ليستعين بهم في كثير من شؤون الدولة، وهكذا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s