باسم فرات
اللوحة: الفنان السوداني راشد دياب
الحَـيَـاةُ تُـنَـافِسُ المَـوْتَ فِي قَــبْرٍ
لِـيَكُونَا فُرْجَةً للسَّـائِحِـين
الفَـلَّاحُـونَ
الذِينَ خَسِـرُوا حُـرُوبَهُمْ جَمِيعَهَا
فَازُوا بِالطُّمَأْنِينَةِ
حِينَ وَارَوْا مُلُوكَهُمْ تَحْتَ الحِجَارَةِ
لَمْ تَسْــتَـقِمْ أَهْرَامُهُمُ عَظِيمَةً
لأَنَّ عَرَقَ حَيَائِـهِمْ فَاضَ عَلَى النِّيلَيْن
هَرَسْتُ الفُولَ في قُدُورِهِم
وَالأَيَّامُ هَاوِيَةٌ
تُشَمِّرُ عَنْ فَرَحٍ يَسْتَبِدُّ بِهِ الغُـبَارُ
سُـمْرَتُهُمْ كِتَابٌ
دَوَّنَتْهُ قَوَارِبُ مَـلْأَى بِالغَـرَق
تَنَفَّسَـتْـنِي أَيَّامُهُم
وَسَــقَتْ مَـوَاوِيـلِي أَلْـوَانًا
تَقُودُ الطُّـبُـولَ إِلَى حَافاتِ الطَّبِـيـعَـةِ
حَتَّى يَصْطَدِمَ الفَجْـرُ بِـعَـبَـقِ الأَجْسَادِ.
عِنْدَ مُلْتَقَى النِّيـلَـيْنِ،
عَجُوزٌ يُلقِّحُ الأَرْضَ بِالغِنَاءِ
قَرَأَ لِي صَفَحَاتٍ تَنْهَضُ بِالحَشْرَجَاتِ
تَلَفَّتَ قَلِيلاً وَنَادَى عَلَى الرَّفْرَافِ
طَافَ حَوْلَهُ عَشْرًا
وَعَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ رَاحَ يُنْصِتُ
وَالعَجُوزُ يَلُفُّ أَحْزَانَهُ تَبْغًا رَدِيئًا وَيَحْكِي
قِصَصَا تُبَلِّلُنِي دِفْـلَى وعَطَشًـا
يا عِــرَاقيُّ؛
هَكَذَا يُطَـعِّـمُ الحَدِيثَ
وَابْتَسَامَةٌ تَنُـوحُفِي شَفَتَيْهِ؛
يا عِـرَاقِيُّ..
هُنَا جاءَإِدْرِيسُوجَدُّ يَعْـرُبَ
وَفِي قَاعِ هَذَا النِّيلِ،
كُنُوزُ سُــفُنِ الغُـزَاةِ وَعِطْـرُ عَذْرَاوَاتٍ
هَلْ تَشُـمُّ؟
كانَ المَكَانُ
يَضُـوعُ بِدَمْـعٍ تَرَكَـتْـهُ فَتَيَاتٌ ذِكْرَى لِفِتْيَانٍ
رَقَصُوا مَوْتًا هَارِبــينَ مِنَ العَـار.