د. سامح درويش
اللوحة: الفنان الاسباني ويلي ليبلاتينيه
في ذكرى رحيل أحمد شوقي و حافظ إبراهيم
كان ماءٌ .. و كان دفءٌ . . وعطرُ
و جـمالٌ ، . . . فـكان وادٍ ونهْــرُ
دبَّت الروح في الثرى ، مذ جرى
– بين الضفاف – الندى البذيخُ يمرُّ
إنه النيل ، باعث النبض في الأرض
.. لكي تولـدَ العـظـيـمـةُ مـصـــرُ
هبة النيل ؟ …أمْ صـنيـعـة شـعـبٍ
عرف الخَلْقُ مجدَه ، .. و الدهرُ ؟
كتب التاريخَ العـظـيـمَ ، ليبقى
فعـلى الصخـر للحضارة سِـفْــرُ
مصر .. مينا مؤسس الدولة الأولى
.. وخوفو .. و أحمسٌ .. و سنفرو
مصرُ .. (أبنومُ ) ، وانتفاضةُ شعبٍ
ثـار لمـا آذاه ظــلـمٌ … و قــهــرُ
مصر ُ .. نور التوحيد يولدُ ، حتى
أكمل النورَ بالحـقـيقـة .. عـمـرو
هرمٌ شامخٌ ، .. و نهْـرٌ كـريـمٌ
و نخيلٌ .. وفاتناتٌ .. و تـِبــْرُ
و حـقــولٌ خـصـيبـةٌ ، وغـناءٌ
بضفاف الهوى ، و فنٌّ و شِعـرُ
و نسـيمٌ مُـعَـطِّـرٌ ، و سـماءٌ
تعشق الشمسُ صفوَها ، و البدرُ
وطن ليس يشغـل الخلدُ عنه
فهْوَ فـينا دمٌ .. و روحٌ .. و فـكـرُ
و له شاعران ، إذ خطفا الشمسَ
سـرت خـلـفــها كـواكـبُ زُهْــرُ
تقبس النور من ضياها ، فتزهو
بائـتـلاق السـنى ربانا الخُـضـرُ
جئتُ للشاعرين أشدو ، و عندي
من صدى الشاعرين لحنٌ .. و ذِكْرُ
فهما الصـوت من زمانٍ تولَّى
كان فيـه للشعـر عرشٌ ، و دَوْرُ
أيها الشاعران ، كنا شموخاً
كيف هذا الشموخُ صار يخـرُّ
كيف هُنَّا ، و كيف صرنا غثاء
ما لنا في سوق التحضُّرِ سِعْـرُ
ساد من حولنا اليهودُ ، و صاروا
أمةً تعلو ، و العروبةُ .. صِفْرُ
و افتئات الحقـوق ، و الظـلم
يغتال أمانينا ، .. و الهزائمُ نُكْرُ
من فلسطين للعراق ، و للأهل
هـنا .. أو هـناك عـيْـشٌ يُـمــِرُّ
مصر أم الدنيا ، و أم المروءات
و في قـلبـها العـروبة إصــرُ
همها … همها ..، و من قـدر الحـر
احـتمال الأذى ليُنْصَـرَ حـرُّ
كـلـنـا إخــوةٌ ، و أبـنـاء عــمٍّ
إن يُسرُّوا ، فإن مصـر تُسـرُّ
في البـلايا شـعــورنا واحـدٌ
فالنيل يبكي إن مسَّ دجلةَ شـرُّ
وقـف الخاـق يرقـبـون جـمـيـعـاً
غضباً في الرماد يُذكـيه صبـرُ
بالـغٌ في النفــوس آخــر حــدٍّ
من مداه ينزو لهيبٌ و جـمـرُ
أيها الأصـدقـاء ، فـوق لسـاني
من صدى الشاعرين يهدر بـحـرُ
سمِّهِ وافراً .. بسيطاً .. خـفيفاً
فـهْـو إيقـاعٌ غـاضبٌ لا يـقـــرُّ
سوف يعلو .. و يوقظ الشعب حتى
يرجـعَ الحـقُّ شـامخاً يشـمخــرُّ