جملة عابرة تحاصرني

تطاردني بثقلها في المرايا

وزجاج المحلات

تعلق نفسها على الحوائط

وشاشة الموبايل

وفي وجوه الناس.

تتكرر مع عقارب الساعة،

تسبقني إلى مقعدي في المترو

وتنظر لي – ساخرة – من صفحات الجرائد،

وشاشة التلفاز.

تصاحبني وأنا أساوم بائع الخضروات العجوز،

أو في زحام المول اللامع.

جملة هشة من كلمتين، لكنها

تسقط لي مع المطر

ومع حرارة الشمس

تطير مع الريح وتستقر على وجهي،

كغبار أبدي لا أرغب في رؤيته،

أو كابن أخشى الاعتراف به.

جملة بسيطة وعابرة

أقذفها من النافذة كي أنام،

وفي الصباح أجدها محشورة في فمي

كقنبلة على وشك الانفجار.

الجملة الفخ

الجملة الخطيئة

أرفض الاعتراف بها.

وأخشى أن أقولها ولو في رأسي،

لكنها تلتصق بقدميّ

مثل كلابش وضعه عسكري المرور

في غفلة مني

لأنني وقفت طويلا 

في مكان «ممنوع الانتظار»

فأثقلت جسدي المتهالك وروحي التي صدأت

وصارت تمنعني من الطيران.

كلما راوغتها تفاجئني،

مرة وجدتها مختبئة تحت إبطي

وأنا في زحمة الباص.

وعاقبتني بأن التصقت بظهري

فحكمت عليّ بالانحناء إلى الأبد.

وأنا أشذب لحيتي

تطل عليّ من المرآة

وعلى وجهها ابتسامة انتصار.

مرة، ظننت أنني تخلصت منها

قلت: ربما صدمها قطار سائقه متهور

لكن أحدهم باغتني: 

ما هذا الكلام المكتوب في عينيك؟!

فأغلقتهما فورا

حتى لا يغرقنا حبرها السائل.

وضعتها على المائدة،

وفي الغذاء كنت أستمتع

بغرس السكين وتقطيع لحمها

آخذ كل حرف وأغرسه بعنف في الشوكة القاسية

وأتلذذ بمضغه بقسوة

قسوة العاجز عن تغييرها

وبعد انتهائي وجدت حروفها تتجمع من جديد

وترقص في فضاء الغرفة،

وظلت ترقص حولي دائما،

صارت دوامة تبتلعني،

تصنع حواليّ سورا من حروفها

فتعزلني عن العالم.

في النهاية، سقطتُ.

انداح طيني في لحم الشارع،

فانحنت الجملة عليّ

وأخذت رأسي في حضنها

بحنان أم أرهقها عناد طفلها،

وقالت: يا صغيري، لا أنوي لك شرا،

أريد فقط أن تعترف بي،

أن تقرأني على مهل،

ربما تستريح.

قلت: حسنا، سأجرب طريقتك كخيار أخير،

سأقرؤك بصوت عال، 

وبلا مراوغات،

سأقولك مرة وحيدة وأبدية:

أنا تعيس.