سعد عبد الرحمن
اللوحة: الفنان العراقي جميل حمودي
هناك جمل قد يظنها بعض القراء متشابهة في المعنى ولكنها – وإن كان الفرق لغويا بينها فرقا ضئيلا يكاد لا يبين إلا في النطق – متباينة تباينا كبيرا في معناها.
نضرب لذلك بهاتين الجملتين: انا مالك هذا البيت (بإضافة مالك إلى هذا البيت)، أنا مالك هذا البيت (بتنوين مالك)، يظن معظم القراء أن الجملتين تؤديان نفس المعنى وهذا غير صحيح فمعنى الجملة الأولى أنك مالك البيت فعليا فالإضافة أفادت أن ذلك حدث في الماضي، أما الجملة الثانية فقد أفادت أنك لا تملك البيت بل تنوي فعل ذلك مستقبلا.
قال تعالى: ولا تقولن لشيء إني فاعل(بالتنوين) ذلك غدا إلا أن يشاء الله، فتنوين (فاعل) افاد أن الفعل في المستقبل ولولا ذلك ما جاز أن يجيء بعدها الظرف (غدا).
وزن (فعالة) للدلالة على بقايا الأشياء
يطّرد في لغتنا العربية وزن (فعالة) بضم الفاء وفتح العين في الدلالة على بقايا الأشياء* وزوائدها قليلة الكم أو محدودة القيمة فتقول في الجزء الذي قلمته من ظفرك (قلامة)، وتقول فيما تنفيه من الأشياء أي ما لا تريده (نفاية) و(قمامة)، وفيما تكنسه من على الأرض من قش وحصى وتراب وغيره (كناسة)، وتقول في الجزء الصغير المقصوص من الورق أو القماش (قصاصة)، وفيما تجزه من العشب أو الشعر أو الورق (جزازة)، وفي بقايا الأشياء الرديئة الفاسدة (حثالة)، وفيما تنفضه من غبار وهباء تجده على الملابس أو في الأوعية والأواني (نفاضة)، وفيما يتبقى من سؤر بقرارة الكأس بعد أن تشرب ما فيها (ثمالة)، وفيما يمجه فمك أي يلفظه من بقايا ماء أو شراب أو غيره (مجاجة) ويقول أبو عبادة البحتري في سينيته:
من مدام تظنها وهي نجم
ضوأ الليل أو مجاجة شمس
وفيما يستخرج بالعصر من الفواكه وبعض البذور والنباتات الريانة من سوائل وزيوت شتى (عصارة)، وفيما تستخلصه من الكلام أو الأفكار أو الأشياء (خلاصة)، وفيما تقوله في وقت محدود أو تكتبه في مساحة ضيقة من الصحف (عجالة)، وتقول فيما يتبقى في الإناء أو الوعاء من ماء وغيره (صبابة)، يقول البحتري أيضا في سينيته:
بلغ من صبابة العيش عندي
طففتها الأيام تطفيف بخس
ومثلها قولنا في الريف: (فراكة) لما تبقى في الماجور من العجين ملتصقا بجوانبه، و(برادة) لما يتناثر حول قطعة المعدن عندما تسوى سطوحها بالمبرد، و(نشارة) لما يتساقط من جزيئات الخشب عند نشره، و(نخالة) لما ينتج عن الحبوب من قشور بعد أن تطحن، و(مصاصة) لما يتبقى من لباب القصب بعد امتصاص عصيره ومثلها (نخامة) و(بصاقة) وهكذا.
*ثمة معجم نوعي صغير لأسماء بقايا الأشياء بشكل عام أي مما جاء على وزن فعالة وغيره لأبي هلال العسكري طبع لأول مرة بمطبعة دار الكتب المصرية عام 1934 بعناية الأستاذين إبراهيم الإبياري وعبد الحفيظ شلبي.