ترجمة: الشاعرة التونسية آسية السخيري
اللوحة: الفنان الروسي فاسيلي كاندنسكي
افترضي
أنني سأجيئك وأصب
بعضا من الماء في راحتك
ثم أطلب منك
أن تدعي الماء يسيل
قطرة قطرة
في فمي
***
افترضي
أنه بالقرب منك، يصير لأيامي
مجرى أسرع
وأنني سأطلب منك
أن تجعلي زمني
زمنا لنبتة
لا تتعجل الإزهار
***
افترضي
أن الزهرة كانت كثيفة
وأن في ذلك تحديا مفرطا
وأنني أطلب منك
أن تعلميني كيف أبصرها
دون أن نفكر أننا اللذين
ينتابنا موتها
***
افترضي
أن تحليق طائر
يدعونا إلى الارتحال
وأنني أطلب منك
أن نندس فيه
كي نطير معه
في لج الشفق
***
افترضي
أن خشب الطاولة
يطالب بجذوره
وأنني أطلب منك
أن نتوخى نفس الموقف
خاصة وأنه بحاجة
للمسات أيدينا
***
افترضي
أن زوجا من القرقف
يطرق بشدة زجاج نافذتنا
وأنني أطلب منك أن تتركيه يدق
إلى أن يكلمنا
بلغة نفهمها
***
افترضي
أن الصخرة هي التي
تطرق بابنا
وأنني أطلب منك
أن تسمحي لها بالدخول
إذا كانت ستروي لنا قصة
الزمن السابق للزمن.
***
افترضي
أنه على مرمى أنظارنا
ستنفتح كل سطوح المدينة
وأنني أسألك
أن تختاري الدار التي،
ستعشقين الليل، تحت سقفها الموصد.
***
افترضي
أن البحر يرغب
في أن يرانا عن قرب أكثر
وأنني أطلب منك
أن تذهبي كي تعيدي على مسامعه
عدم قدرتنا
على أن نمنعه من أن يكون وحيدا
***
افترضي
أن الشمس الآفلة
ذهبت راضية
وأنني أطلب منك
أن تذهبي لمطالبتها
بأن تدفع لنا ما عليها
لمجد ذاك اليوم الذي منحناها إياه.
***
افترضي
أن الخارطة تبوح لنا
بحقائقنا الأربع
وأنني أطلب منك
بأن تحسسيها
بواسطة الكثير من المداعبات
بأننا نعرف كل شيء
***
افترضي
أنه لا شيء آخر لدي أفعله
غير ترقب الليل
والرغبة في أن يأتي
بكل ذاك التأخر
الذي نستطيع أن نجعله يشرع في الحياة.
***
افترضي
أنني أبكي قلوبا
تنفدغ في ألف قطعة
وأنني أترجاك
أن تقطفي أزهارا في حقل
حيث يحط للتو عصفور على كتفك
***
افترضي
أنني أرى القمر في وضح النهار
وأن الشمس تأتي لاقتناصه
وأنني أطلب منك
أمطارا وغيوما
كي تروي النجوم.
***
افترضي
أن الموجة والرمل
يقسمان على إذابتك
وأنني أطلب منك
أن تحتضنيني إلى الدرجة التي لا يمكن معها
أن ينتزعك مني أحد
تاركا لي ذاك الجسد
***
افترضي
أنني سأدعني يوما
أمشي على المحيط
وأنني سأطلب منك
أن تناديني كي أرى
ما إذا كانت صيحتك ستغير
علاقاتي بالماء
***
افترضي
أن القرية موجودة تحت الأرض
وأن هبة ريح تحط رحالها فيها
وأنني أترجاك أن
توقفي تلك الحكاية
لإعادة بدئها.
***
افترضي
أن المحيط ضئيل
ضئيل جدا مثل بركة
وأنني أطلب منك
بأن تجعليه أكبر
كي أقدر على السباحة فيه
في هدوء وراحة
***
افترضي
أن البحر قربنا
بدأ في الهدير
وأنني أطلب منك
أن لا يتملكك خوف آخر
سوى ذاك الذي يعطينا إياه
صمته المختنق
***
افترضي
أنه لا يوجد غير الريح
كي نلتقيها على الأرض
وأنني أطلب منك
أن تهبي عوضا عنها
وأن تتصرفي معي
كما لو كنت سفينة ذات ثلاث صوار.
***
افترضي
أن المدى بالنسبة لي
هو من قبيل الصراخ
وأنني أطلب منك
أن تعيدي حكمه
على الشكوى الساكنة
في قعر القواقع/ المحار
***
افترضي
أن طائرا في الشتاء
يغني كما عند الانتصار
وأنني أطلب منك
أن ترافقي السهل
كي يبلغ
مستوى الأغنية.

يوجين غيلفيك (1907 – 1997) شاعر فرنسي من أشهر شعراء النصف الثاني للقرن العشرين، ولد في بريتاني، كانت معرفته باللغة الفرنسية ضعيفة ولم يتقنها إلا أثناء الخدمة العسكرية، ثم صار أحد مبدعيها الكبار. بدأ نشر قصائده منذ 1939. تحصل على جوائز عديدة عن إبداعه الشعري منها جائزة الأكاديمية الفرنسية وجائزة الإكليل الذهبي وجائزة غونكور.