محمد الشحات
اللوحة: الفنان البلجيكي رينيه ماغريت
اسْتِسْلاَمٌ
خارتْ كلُّ قِواي
وما زلتُ أحاولُ
أنْ أُكمِلَ
مَا كنتُ أحاولُ أنْ أكملَهُ
وأحاولُ أنْ أتماسكَ
أوْ أمضيْ حينَ يضيقُ الصدرُ
وقدْ ضِقتُ بضيقِ الصَّدرِ
وتركتُكَ تفعلُ مايحلو لكْ
ونجوتُ بعمري
***
كانَ علىَ مقربةٍ
منْ أنْ يملكنِي
أو يتملكُ مَن يملكنِي
فأحاولُ
أنْ أتخلَّصَ مِنْهُ
وأكسِرُ قيديْ
فأفرُّ وحيدًا
فتضيقُ الدنيا بمَا رحُبَتْ
فأحنُّ لقيدِي.
لَا وَقْتَ ليْ
لَا وَقْتَ ليْ
كي ألْملِمَّ وجهي
وَأَغْسِلَهُ مَرَّةً
حِينَ لَامَسْتِهِ
لَمْ أَكِنْ أرتدي
مَنْ رِدَاءِ أَبَي
غَيْرَ مَا كَانَ يَلْبِسَهُ
وَقْتَ أَنَّ نَامَ نَوْمَتَهُ
حِينَ ضَاقَ بِهِ وَقْتهُ
كَنَّت أَنَظر
كَيْفَ اسَترَاح
فَأَغْلِق عَيِّنِيهِ
تُري؟!
أَيْنَ كَانَتْ تَنَامُ مواجعه
كَانَ لَا يستحي
حِينَ يَنْفُضُ أحْزَانَهُ
عِنْدَ بَوَّابَةِ الْبَيْتِ
وَيَرْسُمُ في صَوتنَا
فَرِحَةَ الْعِيدِ
أَنَا لَمْ أَعِدْ
أرْتَجي
غَيْرَ رَائِحَةِ
مَنْ زَمانِ أَبَي
عَلَّهَا حِينَ تَدْخَلُ في رئتي
تعيد لَهَا لَوْنَهَا
ضَاعَ مَا ضَاعَ مَنْ زمني
فاحتميت بِصَوْتِ أَبَي
وَاِرْتَمَيْتُ عَلَي صَدْرِهِ
علني حِينَ أَنْظُرُ في وَجْهه
أَرَي وطني.
صَحْوَةُ الحُلمِ
كنتُ أحاولُ
أنْ أتلمَّسَ
رائحةَ الأبناءِ
وهُمْ يجروُنَ
علىَ قارعةِ النَّهرِ
ويلقونَ بأعينِهِمْ
خلفَ جموعِ النُّسوةِ
فأحاولُ أنْ أتباطأَ
كي مَا ألمحَ
رجفاتِ الأعينِ
أوْ أسترقَ الَّسمْعَ
لأسمعَ دقاتِ
قلوبٍ
ظلَّتْ ترجفُ
في أقفاصِ الصَّدرِ
بلا واجهةٍ
كنتُ أقلِّبُ عينيْ
علَّ جيوشَ الأحزانِ
النائمةِ بصدرِيْ
تصحو مِنْ غفوتِهَا
فأراقبُ رائحةَ الأبنَاءِ
وأحملُهَا فِي طيَّاتِي
وأعودُ إلىَ ذاكرتِي
كانَ النَّهرُ
يبدِّلُ أثوابَ الطَّمْيِ
ويمضِيْ فِي صحوتِهِ
وثَّابَ الخُطوةِ
كنتُ أجِيءُ النَّهرَ
فكانَ يُراودنِي
فنزعتُ ردائِي.. واستسْلمْتُ
لأحضانِ المَاءِ
لأنفِضَ
بعضًا
منْ أوجاعِ القلبِ
فكانَ المَاءُ
يُدمْدِمُ فِي أوردتِي
ويهزُّ طيورَ الحُلمِ
فأوصِدُ عينيْ
إذْا مَا راحَ هواؤُكَ يعبرنِي.
الضَّحِكُ مَنِ الْخُوَّفِ
كَانَ يُضَحِّكَ
من خوفِهِ
عَنْدَمًا
زَارَهُ الشُّيَّب
تَلّْمَّسَ بَعْضَ التَّجَاعِيدِ
وانزوَيَ
خَلْفَ رُكْنٍ كَانَ يعرفُهُ
مَنْ ليالي الصَّبا
تَثَاقَلْتِ الْخَطْو
وَلَمْ يَنْتَبِهْ
حِينَ مَرِّ الْقُطَّارِ
تُوَقِّفَ عَنْ صُمَتِهِ
وَأَطْلَقَ صَيْحَتَهُ
وارتميَ ضَاحِكَا
عِنْدَ آخِرِ الْخَطِّ
ظَلَّ يَرْقَب ظِلا
يُطَارِدُهُ
كَانَ لِلْمَوْتِ رَائِحَةٌ
وَالْقِطَارَاتُ مُسْرِعَةَ
اِرْتَخَي جِفَنُ عَيْنٍ
طَالَ بِهَا شَوْقُهَا لِلْوُجُوهِ التي غَادَرتهَا
تَنامَي عَلَي وَجْهِ الْحُزْنِ
فَظَلَّ يُقَاوِمُهُ
وَأَغلق عَيِّنِيهِ عَلَي خُوَّفِهِ
قَبْلَ أَنْ يُغَازِلَهُ النُّوَم.