فواز خيّو
اللوحة: الفنان الروسي مارك شاجال
حين تعرضتُ لحادث سير؛ وما إن استطعت رفع رأسي والتنفس قليلاً، وقبل أن أعرف ماذا حصل بالضبط، فتحت الماسنجر، وقلت لها: صار معي حادث بالسيارة، ادعيلي. وكان لا بد من أن آخذ السيروم قبل الوصول الى المشفى. كل القفص الصدري من قدمي حتى رأسي تخلخل وآلمني، لكن منطقة القلب لم تؤلمني، وظلت آمنة. كم هي أنانية، لم تحم سوى المنطقة التي تجلس فيها.
***
الحاجز يأخذ هويتي، ويعيدها كما هي، مع قليل من العبوس.. المسلحون أخذوا هويتي وأعادوها كما هي، مع كثير من الرعب.. أنتِ أخذتِ هويتي، غيّرتِ تاريخ الميلاد، غيرتِ ملامحَ وجهي، ومكان إقامتي. أعدتِني إلى نقطة التكوين.
كيف ستصدق الحواجز حين أمّر عليها، أن عمري عامان؟ كيف سيقارنون بين وجهي وعمري؟ لماذا تعرضينني للخطر؟ كثيرون ينهبون ويهرّبون المازوت والبنزين وغيره، وأنتِ تتركين متاع الدنيا، وتقومين بالسطو المسلح على روحي وقلبي وذاكرتي.
ماذا ستجنينَ، ومن سوف يشتريهم في حمأة التعفيش؟ من سيشتري هذه الأشياء وهي ممتلئة بك؟ لم أكن أدري أن قلبي وروحي مهمان، إلا حين رأيتك تسطين عليهما.
وأعرف أنه لا تستوقفك إلا الأشياء الثمينة. ولأنها ثمينة سوف أتركها لك.. فأنا لا حاجة لي بهما. لأنني أنبض بك. وأتنفس حضورك، حتى في غيابك..
***
لا تتفاجئي إذا رأيتِ العشبَ والورودَ تنبت على جلدي. ألجمي فيضانك قليلا، كي لا تغرقيني.
بحة الحزن الخفي في صوتك، دائما تفضحُ فرحك الظاهري. يا لجرأة الحزن ووقاحته. كيف يجرؤ على الاقتراب من ضحكتك؟
حين نلتقي؛ سيفرّ مذعوراً، ويصفع البابَ خلفه بعنف. ويمضي.
تأكّدي أنّ ذراعيك لا تعترفان بالمسافة. مدّيهما من بعيد، وانتشليني اليك. نحن حلم الحلم.
***
كل الجهات هاجرت أو ضاعت أو هربت. ولم يبق سوى الجهات المختصة. وجهك هو الجهة المختصة الوحيدة المسؤولة عني. لهذا، فحين تطوقك روحي وتتمسك بك، ليس حبا بك أبداً. بل لكيلا أضيع.
***
غيابك يملأ المكان، وحضورك يلغيه.
***
حين تحضرين، كل الأوهام تتحول إلى حقائق، بما فيها أنا..!