محمود عبد الصمد زكريا
اللوحة: الفنان الإسباني خوان ميرو
صوتُ ُ يتردَّدُ في أعماقي
كمواء ِ القطة ِ
في موسم ِ بهجتها السنوي .
كصرير ِ البوابة ِ
كحنان ِ الأمِّ المخبوء ِ بصدري
يدعوني كي أدخل َ نفسي ..
أجلِسُ ؛ أو أتأرجحُ
بين الفقاعات ِ المتسعة ِ
حتى أتنفسَ ..
بين الفقاعات ِ الضيقة ِ
لكي أستدفئ َ .
مرآتي .. فوقَ جدار ِ الغرفة ِ
شاخصة ُ ُ ,
ترمقني في الليل ِ بعين ِ القطة ِ .
عينُ ُ تربكني
وتعيد صياغة َ جسدي ..
فأراني في خفة ِ كومة قطن ٍ مندوف ٍ
ورشاقة ثعلب ْ .
كدجاجة ِ حقل ٍ
هيجها صوتُ الناعورة ِ
وهي تحُطُّ البيضَ علي شريان ِ الماء ِ .
***
صوتُ ُ يتردَّدُ في أعماقي ..
يجعلني أتكلَّسُ
أتقوقعُ
أتجرثمُ
وأبيت بياتا ً شتويَّا ً..
فلماذا أشعرُ أن الجرح شهي
كبراءة ِصبيان الحارة ِ
أن الصمتَ غبيّ ٌ
كفطائر ِ جارتنا المحشوَّة ِ (بالباسطرما)؟
أن القولَ فسيح ٌ كالبحر ِ الأبيض ِ
***
ذاتَ مساء ْ ..
وأنا أقرأ ُ
تحت َ مصابيح ِ القلق ِ الحمراء ْ.
عرفتُ الدهشة َ، والغيبوبة َ،
ورأيت ُ الصبح َ الجالس َ
خلفَ زجاج ِ النافذة ِ
كوعل ٍ بريٍّ،
يرقب ما يسّاقط من ماء ِ الشِعر ِ
علي ورقي السري ِّ
كنتُ أغني ..
أعني : أوقد ناري
حتى أستنبحَ بعضَ كلاب ِ الحي ..
وكان الوقت ُ قبيلَ سقوط ِ الشمس
علي أقفية ِ الأفق ِ ..
قبيلَ نعاس ِ الماءْ ..
عرفتُ الدهشة َ؛ والغيبوبة َ
ذاتَ مساء ْ .
هل كان الحسُّ طريَّا ً ؟
أم كان الوقتُ نديّا ً ؟
أم أني كنت أنا
وقريني الأبله
نتبادل أنخابَ الفرح ِ الرمزي
لنوقن أنَّا شعراء ْ .؟
أم أن العسسَ الرابضَ في خارجنا
نامَ ..
وأعطانا الفرصة
حتى نتجوَّلَ في مدن ِ الدهشة ِ
كي نشعرَ أنَّا أحياء ْ.
***
صوتُ ُ .. يتردَّدُ في أعماقي ..
يجعلني أتلوي في فرح ٍ أسطوريٍّ
كحصان ٍ يرفضُ سُنبكَهُ
ينشر صهلتَهُ المبتلَّة َ
فوقَ حبال ِ الضوء ِ
صوتُ ُ يربكني ..
يزعجني ..
ماذا عن هذا الصوت ؟!!