سعد عبد الرحمن
اللوحة: الفنان العراقي احمد عبد الله
الفرسخ
من يقرأون في كتب التراث مثلي تواجههم أحيانا بعض المصطلحات لا يعرفون ماذا تعني على وجه الدقة؟ مثل مصطلح (فرسخ)، يقرأون مثلا: وكانت منازلهم على بعد ثلاثة فراسخ، أو: وكان بيننا وبين الحصن ما يقرب من أربعة فراسخ، وقد ورد المصطلح في الشعر العربي القديم كثيرا من مثل قول الفرزدق:
وقد نبح الكلب النجوم ودونها
فراسخ تنضي العين للمتأمل
ومن مثل قول ابن شهاب الأندلسي أيضا:
خيامهم للعين تبدو قريبة
ودون مداها فرسخ ثم فرسخ
ومن مثل قول صفي الدين الحلي كذلك:
خيال سرى والنجم في القرب راسخ
الم ومن دون الحبيب فراسخ
واستخدم المصطلح في ترجمة رواية الكاتب الفرنسي جول فرن أحد رواد أدب الخيال العلمي (Vengt Mille Lieues Sous Les Mers) بعنوان (عشرون ألف فرسخ تحت سطح الماء)، وأغلب القراء في الواقع لا يعرفون كم تعني تلك المسافات المذكورة بالمقاييس المعروفة الآن.
الفرسخ في الواڨع وحدة قياس قديمة وقد اختلف في أصله فبعضهم يقول بأن (الفرسخ) فارسي معرب وأصله فرسنك وقال آخرون إنه عربي محض.
وأهم من مسألة الأصل أن (الفرسخ) لا خلاف على أنه يساوي ثلاثة أميال والميل 5280 قدما أو 1609 مترا.
تسلم واستلم
هناك فرق بين (تسلم) و(استلم) رغم أنهما من جذر لغوي واحد فليس الفعلان بمعنى واحد كما يظن أغلبنا.. فما الفرق يا ترى؟
الفرق أن (تسلم) يعني أخذ الشيء وقبضه إليه، تقول: تسلم فلان الجائزة أو تسلم الهدية أو تسلم الرسالة أي أخذها وقبضها إليه.
أما (استلم) فيعني اللمس باليد أو التقبيل، ومن شعائر الطواف حول الكعبة استلام الحجر الأسود أي تقبيله أو لمسه، وهذا المعنى هو ما قصده الفرزدق حين مدح زين العابدين علي بن الحسين أمام الخليفة هشام بن عبد الملك قائلا:
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
وهو أيضا ما كان يعنيه أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال في قصيدته «نهج البردة»:
وقيل كل نبي عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فاستلم
عطا وأعطى
فعلان متشابهان تقريبا في حروفهما ولكنهما في المعنى متقابلان: الأول ثلاثي وهو (عطا يعطو) ومعناه أخذ أو تناول ومنه قول امرئ القيس في معلقته:
وتعطو برخص غير شثن كأنه
أساريع ظبي في مساويك إسحل
والثاني رباعي هو (أعطى يعطي) ومعناه وهب أو منح، ومنه قول الأفوه الأودي:
وإني لأعطي الحق من لو ظلمته
أقر وأعطاني الذي أنا طالب
واسم الفاعل من الأول “عاطي” واسم الفاعل من الثاني “معطي”، و”المعطي” اسم من أسماء الله الحسنى، أما “العاطي” أي الآخذ أو المتناول فلا يمكن أن يكون منها، ولذلك لا يصح التسمية ب “عبد العاطي” فالصواب “عبد المعطي”.
أحسنت لا فض فوك
إعجابإعجاب