د. سامح درويش
اللوحة: الفنان الإيطالي جياني سترينو
«إلى ابنتي سـعـاد»
نَمَتْ زهورُكِ ، فالتفَّ الشذى ثِملا
و طاف حولكِ ، توَّاقاً و مبتهلا
يود يقـطـف من خـدَّيك قـبـلتــــــه
فـيمـلأ الجـو من أنفـاسه قُــبَــلا
مغـرداً لحـنه الفــوَّاح في وَلـــــَهٍ
و شادياً في بهاك الشعر و الغزلا
و أنت يا طفلتي مزْهوَّةٌ مَـزَجَـت
بزهوها المُسْتَحبِّ الدلَّ و الخجلا
سـعـاد أمْـنـيةٌ ، و اللهُ أسـعـدَني
بها ، سـعادةَ من قد حـقَّق الأمـلا
سـعـاد أغْـنيـة ، و اللهُ أطـربني
بذلك الـنـغـم المنسـاب حـيـن حـــلا
سعاد . . أنت سعود العمر. . بهجته
وأنت واحـة قـلب طالمـا ارتحــــــلا
إذا ابتسمتِ ، رأيتُ الكون مبتسماً
على شفاهِكِ ، و الدنيا زَهَـتْ جَــذَلا
و إن بكيت بكى قلبي ، و أحرقني
دمـعٌ تَحَــدَّر في جـنبـيَّ مـشـــتَعِـلا
***
إن ضاق أمري ، ففي عينيكِ مُتَّسَعٌ
يذيب همي ، و يُحيي النورَ لوذبلا
و في حـديثكِ .. إذ تحـلو بسـاطـته
ما يُمْتع الروحَ و العقلَ الذي انشغلا
إيهِ ابنتي ، و حديث الحب أسئلةٌ
عـيناك تسألها .. أجْـمِـلْ بمن سألا
هل تسألين أباك الآن عن زمن
مضى به وسقاه الصاب و العـسـلا ؟
أيـامـه قُـلّـَبٌ ، لكنـها حَــمَـلَتْ
إليه حكمتها ، فارتاح .. و انفــعـلا
رأى بها .. مارأى ، لكنه أبداً
ما باع مبدأه ،.. حتى و إن خُــذِلا
و لم يجـد غير إيمان يلوذ به
و غـيـر حـرية يأبى لهــا بَدَلا
و همه أن يعود المجـدُ في وطـنٍ
قد أصبح المجد في تاريخه طللا
آلام موطـننا تسـري بأوردتي
و القلب يحمل منها فوق ما احتملا
جرحي تمدد حتى صار خارطة
من الجراح .. و مر العمر .. ما اندملا
القدس .. و المسجد الأقصى .. و أزمنةٌ
من الهزائم ، و القـهـرِ الذي قـَتـَلا
و أمـنيات سـلام الوهــم خـادعــة
و نحن خلف سراب نمتطي الخَبَلا
عذرا سعاد .. فقلبي ملؤه غضبٌ
و يغضب الحر إن قاسى و إن خُتِلا
لا أبتغي غير أن يأتي لكم غدُكم
بالخير و السعد و الإشراق ، مكتملا
و أن تعـيشوا بأيام يعــود لها
مـجــدٌ و عـــزٌ تـمـنـَّيـناه متَّـصـــلا