قنديل أم هاشم

قنديل أم هاشم

أيمن جبر

اللوحة: الفنان الإيطالي أنيبال كاراتشي


من منا يذكر رواية وفيلم “قنديل أم هاشم” للأديب الرائع “يحيى حقي”؟ لا أدري لماذا كلما انفعلت بحالنا اليوم وبما نحن فيه من تيه هدفي أتذكر ذلك الطبيب الذي جاء من أوروبا وكيف واجه التيار الشعبي المتدين تدينا ممزوجا بالجهل والأسطورة ويستخدم الدين في كل شيء.

تمثل هذا في زيت القنديل” الذي يُعلق في المساجد كمصدر لكل بركة، ويُعتقد أن له تأثير السحر على من يمسه.

بالنسبة لابنة عمه، كان الزيت الذي يُستخدم كقطرة للعين هو مادة كاوية لبصرها. تبكي ألما فيقال لها: “هذه أعراض الشفاء”.

العقيدة في القنديل لا تتزعزع؛ فما يحدث من تقدم فمن الزيت وما يحدث من تأخر فمن تزعزع الإيمان في القلوب ببركة الزيت، فالإيمان هو القناة التي يمر خلالها الشفاء.
اليوم المجتمع مختلف ومثقف ومتعلم. لكني أرى القنديل تَنكر في قناعات متحولة. 

الغريب أن ثقافة قنديل اليوم كما هي بالأمس، ثقافة شعبية تشمل “المتدين والمتساهل والمتحامل” على حد سواء؛ الكل مُجمع على زيت القنديل وجميعهم يُرددونه كوصفة طبية لحالنا. الخلل بسبب بعدنا عن الدين، والحل في العودة إلى الدين، وكيف توصف شعوبنا بالبعد عن الدين والإسلام في بلاد يصبغ كل حياتها وهو على لسان ولباس الجميع؟ أم أننا  دون وعي منا – أمسكنا بالدين في يد وبالقنديل في اليد الأخرى؟
الدين مَظهر وجَوهر، والدين متين فلا بد من الإمساك به من جميع جوانبه كي لا نكون مثل العميان الذين تحسسوا الفيل،  فأمسك أحدهم الأذن وأمسك الآخَر القدم وأمسك الأخير بالخرطوم، ثم قام كل منهم بوصف الفيل كله من خِبرته بالجزء الذي وقعت عليه يده!.

من يريد العودة للدين يجب أن يعلم أن للدين ثماراً؛ العفو والأخلاق والمعاملة الحسنة والتسامح وصفاء الصدر وكل ما يَرقى بالإنسان والإنسانية، فإن لم يعمل فيك الدين هذا العمل… فتش عن القنديل!.

الدين حين يُستخدم في كل شيء يُهان ويصد الناس عنه، فليتنزه الدين عن الهبوط للتدخل في كل صغير وكبير. مثل المدير الذي يتدخل في كيفية عمل الساعي للقهوة وبقية المشروبات فيتدخل في تفاصيل كل شيء مع أن وظيفته أرقى وأسمى من هذه الصغائر وتدخله فيها يهينه ويربك الموظفين. 

أتذكر كلمة عبد الفتاح مورو تعليقا على شعار “الإسلام هو الحل”: إنه مثل من يعاني مرضا فيقال له “المستشفى هي الحل”، فالإسلام هو الحل كعنوان، ولكن هذا الجواب يحتاج تفصيلا طويلا جدا ودقيقا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s