محاولة للخروج مني

محاولة للخروج مني

محمد الشحات

اللوحة: السوري نذير نبعة

تساؤل

فيما كان يمارسُ غربتَهُ

أوقفَهُ الحزنُ 

وجردَهُ 

مما علق بعينيهِ

 ليمضي دون رفيقٍ 

أو لا يمضي

عانى من وحدته

ظل يطاردها في ردهاتِ الليلِ

يروح بها ويجيء 

يحاول أن يجهدَها 

ما إن شعرت بسياجِ التعبِ تحاصرُهُ 

حتى تركتَهُ مخافةَ 

أن يقتلَها

أوقد في ركنٍ من غرفتهِ

بعضَ شموعٍ 

وعلا سحنتَهُ سيلُّ من أسئلةٍ

ما حكمة إيقاد شموعِ الميلاد

وهل يرتبط العمرُ بما يقِودُهُ

وحين أحسَّ بأن اللهبَ سيحرقُهُ

أسرعَ منتفضاً كي يطفئَهُ

وضع على عينيهِ عصابة. 

شعر بأن العالم يكبرُ 

يتسعُ 

وشعر بأن عرائس من نورٍ ترقصُ 

وتغازلُهُ

تمنى لو عانقها 

وحين اقتربَ 

انفتحت عيناه فلم يلحقها 

مرجَ الماءَ بكفيهِ

توضأَ

واعتدلَ 

وسمحَ لبعضِ هواءٍ يعبرُهُ

جففَهُ

فأحسَّ بلسعةِ بردٍ

لم تتركّهُ منذ طفولتِهِ

لم يلتحف بدفء 

لحظة أن سلَّم

وختم صلاةَ الفجرْ

خفت من الخوف

خِفتُ 

إذا ما استعصى الخوفُ 

وعاندني

أن أتجَّردَ 

من آخر فصل 

مقاومةٍ 

كنت أخبئه

في طياتِ شغافِ القلبِ 

لأًخرجَهُ 

ساعةَ أن أرتجِفَ

لكيما أقدِرَ

أن أتخلصَّ من خوفي

وقف الخوفُ على قارعتي

حاول أن يتفحَّص من يدخلني

حاولَ أن يتلطفَ

أظهرَ ما لا يُبطنُهُ

ضحكَ بداخلِهِ

حين رآني 

أملأنُي

بحوائطِ صدٍ 

كي تُنجيني منهُ 

 رسم الخوفُ 

على نافذةِ الوجهِ

إشاراتٍ تُنْبِئُ من يلمحني 

بمرورِ الخوفِ بأوردتي

كنتُ أحاول أن أتملصَ 

كيما أبدو صلداً 

إلا أن نضوحَ حبيباتِ الماءِ 

على وجهي 

فضحتني

لم أرتبك مخافةَ 

أن أسقُطَ

في أعين مَنْ عبروا قبلي

نحو شطوطِ سكينتهم

فأحاول أن أُوهمَ من يرمقني

بثبات يملؤنى

وبأن الخوفَ إذا ما مرَّ

فسوف يكون مرورَ العابرْ

إلا أن جيوشَ الخوفِ تبارت

كي تسكنني 

احتراق

أشعل أعواد ثقاب

ما إن ملأت ما منحته من ضوء 

غرفته 

حتى أبتهج

ظن بقدرته 

في أن يخطو 

 ولا يتعثر

 امتعضت بعض العتمة

رفضت أن تتركه 

 وانتقضت

 فانطفأت كل الأعواد

ابتهج لثوب كان يشف

 ويرف عليه

يمتلئ بفرح 

حين يدس 

بأعضاء الجسد بداخله

ويحاول ألا يرجع

حتى يطيل ملامسه الثوب له

لم ينتبه 

لما أحدث الزمن بتفاصيل الجسد

وبثوب ضاق عليه

وما عاد يتيح له أن يلبسه

***

لم يسعفه الوقت 

لكي يتحسس وجه امرأة 

زارته

فيما بين الحلم وبين اليقظة

ظل يراقب مشيتها

حتى غربت 

من قلب الحلم

كان يطيب لها

أن تهجره

حين يظن بأن اللحظة قد قربت

كي يسكنها داخله

تأكد من قدرتها وبراعتها 

في أن تجذبه

وتماطله

كي لا يلمسها

وما زال يحن لوجه أمرأه

زارته

أغلق عينيه

مخافة أن يساقط 

ما أخفاه بداخلها

كان يظن بأن حدود الرؤية

لن تمنعه من أن ينفذ

كيما ينظر دون عناء 

ويرى رؤى العين

ملايين الأشياء

ولم يدرك أن الضوء سيخفت

وأن الأيام ستأكله

ولن يقدر 

أن ينظر 

حتى ما أخفاه بعينيه.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s