د. حمدي سليمان
اللوحة: تحية كاريوكا بريشة الفنان المصري عادل السيوي
شهدت مدينة الإسماعيلية حركة مسرحية متميزة قامت على مجهودات جيل عظيم من الرواد بقيادة الفنان أحمد حسن الشرقاوى أبو المسرح الإسماعيلي الذي مثل في السينما أمام الفنان يوسف وهبي، واستضاف الفرق المسرحية الكبرى لتعرض في الإسماعيلية، وكان صاحب حضور مميز على المسرح الفني والاجتماعي والسياسي في الإسماعيلية، كتب عنه الشاعر محمد يوسف يقول:
كل الشوارع مسرحك
كل الأماكن مطرحك
بيمسرح حتى القواشيط
آه يا عم أحمد يانا
بولتيكا ومسرح وأغاني
وترشح نفسك للمجلس
بياخدني جنانك يا ملبس
ضربوك في النقطة وبتعيط
وتقولي الراجل في بلدنا
في زمانا
ولا عدش بيخجل من دمعه
القلب رايحلك
وأنا واقف بعصايتي ومنعه.
وصاحب الفان أحمد حسن الشرقاوي كوكبة من االمسرحيين الكبار ومنهم: حسن عامر، وصفوت مخيمر واحمد الحداد ومحمد يوسف ومحمد الزناتي ومحمد حسن إبراهيم و شوشو سلامة وزكريا غزالي وسليمان الروضي وغريب محمد علي ومحسن العطيفي ومحمود الضمراني وجمال أبو النور ومحاسن النجدي و سيدة المرصفي، والسيد العربي والمخرج علي عبد العزيز، الذي جاء إلى الإسماعيلية في منتصف السبعينيات وأحدث نقلة نوعية وتطورا كبيرا في الحركة المسرحية، إضافة إلى الأجيال الجديدة الموهوبة.
أما الحركة التشكيلية في الإسماعيلية فقد شهدت طفرة كبيرة بعد العودة من التهجير، حيث انضم إليها بعض الفنانين الوافدين من خارج المحافظة، كالفنان عبد الرحمن نور الدين، الذي ساهم مع الفنانين عبد المنعم عوض الله وعوض الخولي وعلي صميدة ومحمد رمضان ومحمد ربيع وسعيد رستم وغيرهم من الأجيال اللاحقة، في إحداث نشاط كبير ومتميز في الحركة التشكيلية.
كاريوكا والسادات
وعلى مستوي الحركة الفنية عرفت الإسماعيلية العديد من الفنانين الذين تجاوز عطاؤهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل، فشاركوا بالروح والدم والجسد، وضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن وتحرير أراضيه، ومن هؤلاء النجوم الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا، التي اشتهرت بجرأتها ومواقفها الوطنية العديدة منذ بداياتها وفى كل مراحل حياتها، حتى أنها كانت فى أوقات كثيرة على استعداد للتضحية بحياتها بسبب هذه المواقف. فقبل قيام ثورة يوليو 1952 ساعدت كاريوكا الفدائيين على مقاومة الاحتلال الانجليزى، وقامت بتهريب الأسلحة لهم فى سيارتها إلى الاسماعيلية. حتى أن هناك منطقة باسم تل كاريوكا، وهي المنطقة التي كانت تقوم فيها تحية بتسليم الأسلحة للفدائيين. كما ساعدت كاريوكا السادات على الهرب وخبأته فى مزرعة أقاربها بالاسماعيلية، وذلك بعد اتهامه بأغتيال أمين عثمان، وبعد ثورة يوليو شاركت كاريوكا فى قطار الرحمة لجمع التبرعات، ورغم مواقفها البطولية تعرضت كاريوكا للسجن عام 1953، ووجهت لها تهمة الترويج لمبادئ هدامة وتوزيع منشورات تم العثور عليها فى شقتها، وقضت كاريوكا ما يقرب من 100 يوم فى السجن، ذكرت بعض تفاصيلهم المناضلة اليسارية نائلة كامل في مذكراتها، حين اشارت إلى أن تحية كاريوكا كانت تمتلك شخصية قوية جعلتها بمثابة رئيس السجن، وكانت جميع المسجونات تأتين إلى زنزانتها، كما كانت تهتم بالتمارين الرياضية وتعليم المسجونات، وأنها طوال فترة سجنها لم تهتز ولم تضعف. وافرج عنها بعد أعتراف زوجها مصطفى كمال وهو من الضباط الاحرار بمسؤوليته عن المنشورات، وكان زملاؤها يقفون أمام السجن لدعمها ومساندتها والمطالبة بالإفراج عنها طوال فترة حبسها. ولا ننسى دورها البارز فى حرب 56 في بورسعيد، وحرب أكتوبر سواء فى جمع التبرعات أو مع الهلال الأحمرفي المستشفيات، وخرج من الإسماعيلية أيضا الفنانة رجاء الجداوي وفايق عزب وفايقة عبد الغني وحجاج عبد العظيم ومفيد عاشور ومحمود عامر والمخرج وائل احسان والمطرب محمد فؤاد وغيرهم الكثير.