د. حمدي سليمان
اللوحة: الفنان المصري أشرف كمال
من الرموز الثقافية المهمة الذين استهوتهم مدينة الإسماعيلية الساحرة، الكاتب الكبير محمود السعدني عمدة الظرفاء، الذي كان له منزل بمنطقة التعاون، وكان من عشاق الإسماعيلية، وقعدات السمسمية والفن والمزاج، والصحفي والناقد الرياضى الشهير نجيب المستكاوي، هو أيضا كان من عشاق مدينة الدراويش، وهو الذي أطلق اسم الدراويش على فريق الإسماعيلي، لذا كرمه أبناء البلد باطلاق اسمه على المقهى االذي يحمل اسمه «المستكاوي» بمنطقة الإفرنج خلف المحافظة القديمة، احتراما وتقديرا له، باعتباره أفضل صحفى كتب عن النادى الإسماعيلى فى وقت كان الأهلى والزمالك يسيطران على المشهد الرياضي، وكان مقهى المستكاوي مقرا للفدائيين وأبطال المقاومة. كما كان مقرا لكبار الكتاب عند زيارتهم للإسماعيلية، إضافة إلى أنه كان أحد الأماكن المفضلة للرئيس الراحل أنور السادات وكان يشرب قهوته عليها عند زياراته المتكررة للإسماعيلية، أما العاشق الأكبر فكان الشاعر الخال عبد الرحمن الأبنودي، الذي سكن قلبه قبل جسده مدينة الإسماعيلية منذ أيام الحرب، وخاصة وأن بها منزل شقيقته الحاجة فاطمة، فمنذ وطأتها أقدامه للمرة الأولى، تمنى الاستقرار بها والارتياح على أرضها، من التنقل بين الصعيد وأحياء وشوارع القاهرة الصاخبة، وقد كان القرار، ففي منتصف الثمانينيات وقع اختياره على منطقة الضبعية، التي اختارها لتكون بالقرب من بيت شقيقته، وحين اطمئن قلبه للمكان البسيط الذي اختاره في هذه القرية القريبة من القنال، باتت الإسماعيلية وطنه الجديد، وأمنيته الأخيرة بأن يُدفن بها. وكان الخال بسيطا مع أهالي الضبعية، لا يعاملهم كشاعر كبير، يشاطرهم الأزمات والأفراح، ويبحث عن حل لمشاكلهم. وكان حريصا أن يظل ارتباط الأسرة بالبيت قائماً بعد مماته، لذا اختار مدفنه في الطريق المؤدي للبيت، حتي يراه ويترحم عليه كل من يأتي لزيارة المنزل من أسرته أو من الأصدقاء، واختار أعلى مكان بمنطقة المدافن وقال: «عشان أبقى باصص على الناس اللي بحبهم من عندي» وهو أختيار يشبه أختيار قوات الاحتلال لموقع الجندي المجهول بمنطقة جبل مريم القريبة من مدفن الأبنودي، فقد أقامت شركة قناة السويس في هذا المكان نصبا تذكاريا تكريما لكل الجنود الذين سقطوا دفاعا عن القناة أثناء الحرب العالمية الأولى، دون الإشارة إلي جنسايتهم.
وتم وضع النصب عند المخرج الجنوبي لبحيرة التمساح فوق قمة جبل مريم، حيث يبدو مسيطرا علي أفق الصحراء. وأفتتح النصب التذكاري في الثالث من فبراير عام 1930، يوم ذكرى الهجوم على القناة.