وهيب نديم وهبة
اللوحة: الفنان الفلسطيني حنا كعبر
مَسَحَ الصُّوفِيُّ شِفَاهَ الْكَأسِ، وَتَمتَمَ تَعويذَةً،
أَنزَلَتْ خَيطًا مِنْ آلِهَةِ الشَّمسِ،
نَسَجَهُ شُعَاعٌ مِنْ بَلّورٍ وَنورٍ وَأَقَامَ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ.
قَالَ: نُسافِرُ اللّيلَةَ
قلْتُ: هَلْ كَانَ هُناكَ
قَالَ: سَكَنَهَا رُوحًا وَجَسَدًا، كَانَ النُّورَ وَكانُوا النَّارَ
وَالآنَ يَظهَرُ ثَانِيَةً في بَاحَةِ الْهَيكَلِ..
مَعًا نُسَافِرُ، وَالطَّريقُ يَخرُجُ مِنَ التِّيهِ،
وَيَقودُنا إلى الْهُدى..
***
وَردَةُ النَّارِ تَقَدَّسَتْ
وَالْقُدسُ، تَحتَ مَشارِفِ يَدي،
كَالطَّيرِ تَطِيرُ كَأسرَابِ الْفُلِّ وَالْيَاسَمينِ،
كَظِلالِ الشَّجَرِ.. وَشَهَادَةِ الْحَجَرِ،
الْأرضُ وَالْمَكَانُ وَالتَّاريخُ..
المَوتُ وَالانْبِعَاثُ..
وَالْقُدسُ فَوقَ مَشَارِفِ يَديِ،
تَطيرُ بَينَ الْخَيالِ وَبَيْنَ الْجَمَالِ
وَالْجَمَادِ وَالْإنسَانِ..
وَتَسقُطُ فِي متحَفِ الصُّوَرِ..
تُسافِرُ مَا بَينَ الدُّهورِ وَخطَواتِ الْأنبِياءِ..
وَأنتَ الْعَائِدُ كَالرُّمحِ
كَالْخَيلِ عَلى صَهْوَةِ الْكَلِمَةِ
كَالرِّيحِ..
تَسكُنُ فِي جِراحِ الْقَصيدَةِ..
أمَمٌ رَحَلَتْ
أمَمٌ كَالْعَنكَبوتِ نَسَجَتْ سِيَاجَ الْمَوتِ..
وَأغلَقَتْ نَوَافِذَ الْفَرَحِ وَأبوَابَ الْقَلبِ،
وَتَاجَرَتْ بِالْعَدلِ، بِالدّينِ، بِالْهَيكَلِ..
زَعزَعَتْ يَداكَ الْمَشهدَ
سِحرُ كَلماتِكَ طَافَ.. حَامَ.. حَولَ الدَّجَالينَ
وَقَلَبَ أركَانَ الْمَكَانِ..
الْآنَ تَقِفُ الْقَصيدَةُ، تَعودُ وَأنتَ هُنا..
غُصنُ فُلٍّ يَعبَقُ بَالْأريِجِ
تَنحَني السَّاحَاتُ، يَهتِفُ بِاسْمِكَ الْبَشَرُ
وَالْحَجَرُ وَأعمِدةُ الرُّخَامِ وَالزَّمَانُ.
تُزعزِعُ الْكَافِرينَ وَتَزرَعُ الْبُذورَ في الْأجسَادِ
لكَ الرِّيحُ وِسَادَةً وَالْخُبزُ جَسدُ الْعِبَادَةِ وَالْمَاءُ
خَمرُ قانا..
من مسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّةِ

الشاعر وهيب نديم وهبة