سليم الشيخلي
اللوحة: الفنان الإنجليزي كونروي مادوكس
أهيم بوادي عميق من فيض رمادي، يداي تلوحان بالنجدة، الزمكان بلا استقرار لأرتب ايقاع انفاسي وتحديد مصدات للموجات المشاكسة، أبحث ارض عليها جدار، نخلة أو اتحرك مثل الذين حولي وأقف. اتساءل بحرقة صادقة عما يجري لي وبوصلتي مثل عقارب الثواني. المتاهات تمتطي رؤاي لأستسلم فلم ارسو ميناء أو قبر أو ادخل سوقا لأشتري أي شيء. لم أعد اعرف تلك الي اراها في المرآة فالضباب يراقصها دون أن اتحرك من مكاني أو تهتز قدمي. ما الذي يحدث! يحومون حولي بحب ونظرة اشفاق ينهوها باتسامة وداع.
تجلس الأرض لا ترى ما حولها وكفها تكنس السجادة بجدية، تتمتم بأسماء من رحلوا، تنغمس بالحديث معهم حد الثمالة، تضحك مرة وتثور تارات.
تقترب حفيدتها لتمسح قطن شعرها، تقبله مستذكرة المرأة العظيمة وما قدمته لتنتهي بقايا سفينة جدبت حوافيها وصدئ حاضرها لا تتذكر من ربيعها وحيويتها شيء بل فراغات غريبة.
رغيف خبز
مد يده لقطعة خبز دون انتباه البائعة. سرت وراءه حيزا يسمح للانفراد به واخرجت له عملة ورقية دسستها كفه، اسقطها الأرض فانحنت تعيدها. نظر بغضب.
– ما الذي تفعليه؟
– اساعدك.
– لماذا؟
– أراك محتاجا؟
– من قال لك؟ ملابسي!
أشر عليها، تبدو عادية، بنطال جينز غير مكوي وتي شيرت أصفر رخيص الثمن. واستطرد:
– شكلي! كمية العوز في لا يوحي بالشفقة. ثم أني لم اتكلم لتحللي صوتي.
– لكني رأيتك تسرق رغيف الخبز.
– لم اسرقه، كلما مررت بها تدير رأسها الناحية الاخرى لألتقط الرغيف.
اخذتني دهشة جرجرتني لسؤاله
– هل هو مشروع قصة حب؟
– لم اكلمها قط ولم اسمعها مطلقا.
– ما العلاقة إذن؟
– حزب الفقراء.
أحسسته يلطمني كمذنب بجريمة الواقع.
– كيف اساعدك؟
– ناضلي لتحسين ضروفنا.
قالها مبتعدا عني وأختفى.