سليم الشيخلي
اللوحة: الفنان الأميركي يعقوب لورانس
كالحلم حين يفر من جرف العيون
الراحلون
مضت الدروب بهم إلى حيث الجنون
فتهشمت مرآة أحلامي وبعْثرت الضنون
ما قد تبقى من سنين
أخفيتها في عش كركرة وذكرى ياسمين
كانت حقائبهم مبعثرةً ويفضحني الحنين
في همسةٍ خضراء،
طيات الملابس،
هزة الكف السخين
والراحلون…
ترجلوا في ساحتي، ولملموا
ما كنت أزرع… يضحكون
صفصافة رقصت بحفل الساهرين
طشت أناملهم على جدران روحي من رسوم
إيه سمائي لم تكن نعسى ليوقظها حنين
أسندت رأسي للجدار ورميت طرفي للطريق
والراحلون…
كانوا هنا أيقونة من كبرياء
شدوا اللجام بقسوة وطووا السماء
ونسوا مسابحهم بمحراب الوداع
لم يمسحوا عن كأسهم بقع النداء
صدئت مواقيت الأماني
بين أرصفة الأزقة والمطار.
ماذا تبقى في شفاهي من صدى أمسي
وأمي والجرار
ذهبت بكم سفن كثار
وأنا أميل كنخلة جرداء في رحم القفار
وبقيت أغنية مخربشة تحاصرها الشجون
لا ترحلوا
من يشعل المصباح إن جن المساء
من يفتديني ومضة صوفية عند الرحيل
بكم انحنت الروح، أطلقت النداء
وبكم أحلق مثل نسر في السماء
كل المحطات العتيقة ومضها دفء العيون
لاترحلوا…
لو كنتم في داركم تتسامرون.