إسلام سلامة
اللوحة: الفنان الألماني غيرهارد ريختر
الآن لي أسبابي لأكرهَكُم
ومن غيرِ شعورٍ بأيِّ ذنبٍ.
كم أصبَحَت خطواتُكم ثقيلةً على نَفْسي،
وكلامُكم مريرًا
حين لا تستمعون لشكواي بجِدٍّ
ولا تعتبرونني مثلَكم
لي روحٌ تتنفسُ،
وعيونٌ ترى،
وجِلدي ليس هذه الجدرانُ السميكة
– كما تعتقدون-
لتدقُّوا مساميرَ خطاياكم في جسدي
دونَ أن أحِسَّ.
ما من مُبرِّراتٍ لسبابِكم الدائمِ لي
وشتائمِكم،
وإطلاقِ أسماءِ نزواتِ بعضِكم
من النساءِ والرجالِ
بكلِّ سخريةٍ عليَّ
وإلصاقِها بي
متناسين اسميَ الرسميَّ
الذي يَرِدُ إليكم في خطاباتِ البريد.
وما ذنبي أنا
في أنكم تتعثرون دائمًا بخيبتِكم
ولا تُحْسِنون مَشْيَا؟
وأنتم المسرفون في تناقضاتِكم
مُصِرُّون على إيذائي:
– كُلَّما تقدَّمَ بيَّ العمرُ تُحمِّلونني فوقَ طاقتي.
– ملامحي تستبدلونها رغمًا عنِّي وتتغافلون عن قُبحِكم.
– تَهدِمُون ذكرياتِكم من الخُطى والبيوتِ
والتي كنتُ أحتفظُ بها لكم وليس لي.
– (تجرُّون مواكبَ ضجيجِكم في رأسي) حين لا أحتاجُها.
– تتركونني مُقفِرًا منكم حينَ أحتاجُكم.
أيُّها المارقون دونَ اكتراثٍ بين ضفتيَّ
أنا الشريانُ الذي يربِطُكم ببعض،
والذي أتحمَّلُ قذارتَكم،
ولا أستهينُ بضعفِ مشاعرِكم
تحتَ شبابِيكِ حبيباتِكم
إذ يلفظونكم
فتهجرونهن وتهجرونني للأبد.
سأكرهُكم لا محالةَ
فسذاجتُكم زادت عن الحدِّ
وتحمَّلتُكم بما يكفي،
وصدري كان مُتَّسَعًا يضمُّكم جميعًا.
رغم ذلك
كلَّما أرادَ أحدُكم أن يسيرَ على حَلِّ شَعْرِهِ
واعتبرني أخصُّهُ وحدَهُ ليفعلَ ما يشاءُ
يتبرَّأُ منِّي على الفورِ ولا ينسِبُني لنفسهِ
وبعدَ أن يصيحَ: أنا حر
يتَّهمُنِي مُضِيفًا: وهذا شارعُ الحكومةِ.
أيَّةُ حكومة!
أنا شارِعُكم أنتم (يا مُغفَّلين).