ماتيرا وجنوب ماتيرا

ماتيرا وجنوب ماتيرا

إيفان علي عثمان

اللوحة: الفنان الروسي قسطنطين كوروفين

ماتيرا

وانا طفل وفتى

عشت في بيت مصنوع من الاحجار الطبيعية يشبه البيوت الحجرية الجنوبية الطليانية

غرف وممرات وابواب متقاطعة من الطراز السبعيني

ابي العظيم في غرفة جنوبية، وانا في جنوب الغرفة

هناك عالم غامض وسري، وهنا عالم الفرو والجنود البلاستك والسيارات الريموتية 

عندما كان ابي العظيم هناك، كنت انا هنا في الجانب الاخر من الجنوب

ذات يوم

تسللت الى الغرفة

بجانب الباب ميزتواليت، على السطح كتب ومجلات وادوات مكياج وعدة زجاجات

حملت زجاجة

 نصف فارغة ونصف ممتلئة

فتحت الغطاء

شممت رائحة قوية وغريبة  

اخذت رشفة

ثم رشفة ثم رشفة

سريعة وقصيرة

في ماتيرا

قالت لي الصور المجلاتية ان ما في الزجاجة

 ويسكي

ابي العظيم كان صاحب مزاج عالي

جنوب ماتيرا

أصبح التسلل الى غرفة ابي العظيم هواية يومية  

بعد كل رشفة من الزجاجة المنفوخة كنت اشعر بدوخة طرية ابداعية

الفراغ يكبر وما تحت الفراغ يصغر

قمت بإضافة الماء الى تلك القطعة الزجاجية الثقيلة

كبر ما تحت الفراغ وصغر الفراغ

مع حدوث طفرة في درجة اللون  

ذات يوم

ناداني ابي العظيم

ركضت باتجاه جنوب ماتيرا

كان واقفا أمام الميزتواليت وبين اصابعه سيجارة مارلبورو

وعلى التخت تجلس المناضلة البطلة التي انجبت طفل شباط بوضعية رجل فوق رجل

بتسريحتها الكاريه الفرنسي القصير الأسود الداكن ونظراتها الجمرية

المناضلة البطلة هي الـ لا المعكوسة في ذاك اليوم    

مثقفة كاريزمية بنت عيلة، تتحدث العربية مثل مذيعات نشرات الاخبار، خطها ساحر وتوقيعها يخترق الجانب الاخر من الورقة

كانت أكبر من ابي العظيم ب ثمان سنوات

لكن ابي العظيم كان أكبر منها في الحنية

نظر الي بحنان جنوبي وابتسم كالماتيرا

ثم

وضع الزجاجات في كيس وهز خصلات شعري المنفوش وخرج

وانا عيل وانا شحط

كان

حارسا لا جلادا

معلما لا مروضا 

ماتيرا الجنوبية

في فراغ الزجاجات يوجد كتب ومجلات

وضع ابي العظيم الحروف كي لا ينشف عقلي

كنت أبل ريقي قبل ان اقلب الصفحات

طارت الرشفات الويسكية وحلت مكانها الرشفات الصورية

الكلمات على الميزتواليت أكبر من

اقلام الحمرة والكحل والبودرة والفرش

على بعد أمتار من الميزتواليت كنتور بثلاثة ابواب

فتحت الباب الملاصق للجدار

الباب الخاص بأبي العظيم

طابق طويل وطابق قصير

في الاعلى بدل زيتونية عسكرية وقمصان وبناطيل ملونة معلقة على انبوب معدني افقي

في الاسفل ملابس مطوية بشكل منظم

قمت بوضع اصابعي بين الشقوق  

اصطدمت بكتلة صلبة

كانت دنانير عراقية من فئة 25 طبعة 1986

رزم ملفوفة بأشرطة مطاطية

كانت أصغر من الكتب والمجلات  

محوت الفراغ وخرجت

لم ألمس قرشا منها

فالثوار لا يسرقون

صغارا وكبارا

ذات يوم خرج ابي العظيم من ماتيرا الجنوبية ومعه شنطة

عاد ابي العظيم ومعه كتب ومجلات.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s