د. سامح درويش
اللوحة: الفنان الفلسطيني محمد الركوعي
-1-
تتتابع الأحزان ، والمدن التي
تمضى ، يشوه وجهها إذعان
وخضوعنا ، وتردد الخطوات في
درب عليه تتابعت أحزان
الليل يسدل ظلمة لاتنتهى
والصبح محتقر هنا ، ومهـــان
يا أمة كرهت وميض النور ،
واحترف البكاء رجالها الشجعان
يا أمة ينداح فوق ربوعها
زيف ، ويملأ جوها بهتان
مازالت الأوثان في أرواحنا
وعقولنا ، مازالت الأوثان
وحديثنا ، مازال أفصح منطق
لكنما أفكارنا هذيان
إنا حيارى ، مرهقون ، وليس
يعرف سكة لقلوبنا إيمان
1 – في باريس
تتتابع الأحزان يا وطني
ونحن نعب في باريس خمرتها
ونسهر في لياليها الجميلة
باريس .. أضواء ..
وألوان مرحبة ..
لنا تتبسم
تتكلم اللغة التي نتكلم
تترنم اللحن الذي نترنم
باريس قد أمست لنا
إنا اشتريناها فصارت موطنا
ومحالها ،
كتبت على أبوابها لغة القبيلة
-2-
مدن تغيب كما يغيب الضوء في
أفق تكاثف فوقه الدخان
مدن تذوب كما يذوب الصوت في
صخب تصم بعنفه الآذان
ماذا تبقى من أراضينا سوى
وطن تباكت حوله الأوطان
وطن يضيع بكل يوم حفنة
من تربة نبتت بها الأديان
ماذا تبقى من أراضينا ، سوى
وطن تناحر فوقه الإخوان
حتى التواريخ التي عشنا بها
وبها يعيش بعمقنا الإنسان
بیعت بأسواق المهانة ، مثلما
بیعت بلاد ، واستبيح زمان
لم يبق تاريخ لنا ، ووجودنا
عفى على جنباته النسيان
٢ – القدس
صمت ..
فلا جرس يدق ،
.. وليس فيك أذان
ما فيك إلا الصمت .. والأحزان
يا قدس .. ماعندي حديث
إننا قلنا الكثير
وكفاحنا خطب ..
وثرثرة .. بأمواج الأثير
لكنني – وأعيد –
أعرف أننا
لن نستطيع إعادة الأقصى بثرثرة الأثير
-3-
يتسكع التاريخ في طرقاتنا
ويسجل الأحداث وهو مدان
أضحت بلا ثقة حكاياه ، وقد
عبثت بها الأهواء .. والسلطان
ويتوه في طرقاتنا ، مستغرباً
و تمجه الساحات والأركان
ماذا يسجل بعد أن شهد العلا
ورأى رجالا للعلا قد كانوا
ما ضيعوا أرضا ، وما اقتتلوا وفى
أوطانهم للغاصبين مكان
3 – بيروت
بيروت مذبحة الأحبة ، واقتتال الأصدقاء
بيروت ساحات الفناء
بيروت .. في يوم عشقتك
كنت أحلم باللقاء
كم كنت أحلم أن أكون بشارع الحمراء
في إحدى لياليك المغردة الجميله
أشدو لعينى جارة الوادى .. وبسمتها النبيله
( يا جارة الوادي طربت وعادني … )
لكنما الأقدار شاءت
أن تكونى ساحة للموت ..
أرض الانتحار
كيف الهوى أضحى ببيروت دمار ؟!
هذا اقتتال العرب في قلب المدينه
هل جاء دورك
كي تكونى مثل قرطبة الحزينه
-4-
يافا الحزينة بعد قرطبة مضت
واليوم تمضى القدس ، والجولان
مدن مضت بالأمس خلف حدودنا
وأخاف أن يمضى غداً لبنان.