آلاء مشعل القدسي
اللوحة: الفنانة اليمنية غالية المحني
نصوص لشباب واعدين في مقتبل الكتابة
لم تعرف معنى الطفولة، لم تشعر يوماً بطفولتها أسوة بباقي أطفال العالم.
ليلى ذات العشر سنوات تعيش مع أسرتها وأختها الصغرى في ذلك الحي بوسط المدنية، لم تستطع أن تعيش طفولتها التي يعيشها باقي أطفال العالم، حالها لا يختلف عن بقية أحوال أطفال حيها ومدينتها بل ووطنها، فكلهم يعانون من مآسي الحرب التي تعيشها البلاد.
ليلي تعاني من أثار الحرب في منزلها، في مدرستها، في حيها ومدينتها، تشاهد الدمار الذي أصبح كابوسا موحشا يخيم على فكرها، ويحزن نفسها، ويبكي قلبها قبل عيونها، منازل مدمرة وشوارع مكسرة ومستشفيات مهملة ومدارس تفتقد لأبسط وسائل التعليم، والأهم من ذلك ما يحبه كل طفل.. حدائق مدمرة ومهملة.
ليلى تحدث أسرتها وصديقاتها عن عدم قدرتها مشاهدة دمار وطنها، وعزمت أن يكون لها دورا فعالا لكي توقف الحرب التي تعيشها من أول يوم خلقت فيه، ومازالت تعيش فيه لليوم، عزمت برغم صغر سنها أن تعمل جاهدة ليكون لها صوت قوي ومدوٍ لإيقاف الحرب؛ من أجل أن يعيش كل أبناء وطنها بحب وسلام بدل الحرب والاقتتال والفرقة، عزمت بأن تزيح ستار الحرب عن أطفال وطنها لينعموا بطفولتهم البريئة والتي حرمت من أن تعيشها هي وأختها الصغيرة.
ليلى، تلك الطفلة الصغيرة، تفكر بما يفكر به الكبار، تشعر بمعاناة أسرتها وجيرانها وشعبها، تحزن إذا شاهدت معاناة شعبها من الحرب في التلفاز، تحزن عندما تمر في الشارع وتشاهد منزلا مدمرا، تصرخ حين تشاهد أطفال وطنها يجوبون الشوارع وهم يبحثون عن لقمة عيش تهدئ ألام بطونهم الخاوية التي تعزف لحن الجوع، وهم ما بين الطرقات وإشارات المرور يبيعون المياه وباكتات المناديل.
تحزن ليلى عندما تشاهد أطفالا من عمرها لا يذهبون الى المدرسة، بل تجدهم في مياه السبيل في طابور واحد ومعهم علبا بلاستيكية لتزويد أسرهم بالمياه.
تخاف ليلى من أصوات الميكرفونات التي تصدح بشكل شبه يومي لتعلن عن وفاة شخص في حيها، تذهب ليلى مسرعة لوالديها تسألهما: من الذي توفي اليوم وكيف توفاه الله؟
دائماً تلح وتعيد أسئلة أكبر من عمرها على من حولها مثل: لماذا الحرب في بلدنا؟ لماذا نحن نعيش في الحرب؟ بسبب من نشبت هذه الحرب؟ لمصلحة من؟ ماذا فعلنا لنعيش في هذه الحرب؟ متى ستنتهي هذه الحرب؟
وكلما خرجت للشارع تشاهد رجالا كثيرين يحملون السلاح على أكتافهم، فتنزعج من هذه المشاهد وتسأل والدها بكل حسرة: لماذا يحمل الناس السلاح في الشوارع؟ هذا منظر قبيح يا أبي، من المفروض أن يسيروا في الشارع بدون سلاح فهكذا أفضل لهم ولنا نحن الأطفال، لا نريد أن تدمن عيوننا رؤية الأسلحة بل نريد أن نسعد بمشاهدة المناظر الجميلة والمنظمة.
بصوتها الرقيق ونبرتها الحزينة صدفة تستضيف ليلى بعض القنوات الفضائية وهنا يسألها المذيع ماذا تريدين أن تقولي في هذه المقابلة، تجيب ليلى لا أريد أن أعيش في هذه الحرب، أريد أن تتوقف الحرب ونعيش بسلام، أريد أن أشاهد بلدي أحسن وطن.
واصلت ليلى مسيرتها لإيصال صوتها، فكتبت بعض القصص والخواطر ونشرتها ليقرأها الجميع، وخاصة زعماء الحرب من أجل إيقافها، رسمت بريشتها لوحات تعبر عما بداخلها من ألم، لم تيأس ليلى بل ازدادت قوتها وعزيمتها لمواصلة سعيها الإنساني والنبيل الذي لم يستطع الكبار تحقيقه حتى اليوم بإيقاف الحرب.
وماتزال تسعى جاهدة بكل إمكانياتها الطفولية لتحقيق هدفها الكبير، إيقاف الحرب لتنعم هي وكل الشعب اليمني بنعيم السلام والحب.
ودائماً تردد وتقول حتماً سأحقق هدفي مهما حصل، لننعم جميعاً بالحب والسلام والطمأنينة، ونعيد بناء وطننا من جديد، وطن يعيش فيه الأطفال طفولتهم التي حرموا منها.