سيرة على نار هادئة

سيرة على نار هادئة

سليم الشيخلي

اللوحة: الفنان العراقي خيري السومري

هل ستعود للكتابة بعد هجرها ذريعة الوطن بعد سقوط التمثال ورأسك المترع احلام أوز برية! سنتان وأشهر تصارع التيار… وما زلت تنتظر بزوغ الفجر. غضضت الطرف عن إساءات بالجملة وتجريح للتاريخ المعلق جدارية عفنة مدعيا النصر إنك ببغداد من جديد بعد غربة ثلاث عقود.

– وما زلت. 

– قلتها دون اكتراث محاولة التخلص دون تماس.

– النار حولك تحرق ذكرياتك وتراثك، تسد منافذك للخلاص.

– أرى شموعا نهاية النفق 

 أخفض رأسه، تسمرت عيناه سرب نمل يحمل مؤونة شتاء جديد إلى أين ومن أين لا ندري.

– ارسمه خاطرة، البركان الذي لسعك وخرجت من أتونه ضربة قدر وعدت الكويت لتعب أمناً وتعيش ما تبقى من كبرياء.

– لن أكتب.

– أيها العاشق الذي لا يعترف بالهزيمة، سأكتبها وأنشرها باسمك

 اكتب ما تشاء أنا لست أنا، الوطن الغيب اختراع الرايات السوداء وقد تبرأت منه

– براءة فهد جمال من عباءات محترقة، أراك خائفاً يلبسك حذر رمادي دون أبعاد في العباءات اختبأت خلف أسم مستعار، أفرغت محنة شعب المعجونة بآلام الغربة وخرجت من نهايتها بخوار بقرة احساس موقت بالراحة دون أن يشكك دبوس، الآن وبعد أن خرجت من تجربة فناء أبدي معصوب العينين بين يدي لصوص لا تعرفهم ضاع بينكما الزمكان. عشت الجحيم صخبهم، سوقيتهم، أطلاق الرصاص بين الفينة والأخرى فرحاً بأسرك، أنسوك الوطنية الغارقة بالطائفية والضيوف الجدد يسلخونه كبتاً ويدفعوه الوراء مستغلين شعباً عاش كهف دون نوافذ زمناً أحمق.

ألم تحوطك صبية القتل على الهوية، الاسم والشكل لتنزوي قنوعا بحذر الدهشة أيها الظاهرة المقاتلة قنوعاً بأي شيء يذكرك أيام الستينيات.

– بعد هذه التجربة لا شيء يهم، وأسميها الولادة الثانية بعد أن أطلق الخاطفون سراحي متنعمين بالوطن وبالفدية لست متشائما للحد الذي تتخيل.. ابتسمت عند علامة في الحدود رسم عليها “العراق يودعكم”

– لك الحرية التجوال في طرقك، الاستراحة في محطاتك، العطاء بهدف الرضوخ لما آل اليه الأمر، إنها تجربة بآثار لن تنفك عنك، ثقب يصفر في أذنك اليمنى، آلام جسدك، وتلك التهيؤات التي تقفز من اللاوعي دون استئذان أمامك تذكرك بالموت بين ايديهم وسيل الشتائم مع اللسعات. لا تتدثر بالصمت.       

– تخيلتني جثة مرمية عند حواف مزبلة حسب تهديدهم. كيف قاومت أيام احتفائهم المرعب بي.. لا أدري! جفاف الذاكرة، اهتزاز الكلمات، لا أتذكر. دعني دون مواجهة، لا أرغي نشر سراويل وطني المثقوبة على حبال الحقيقة.

– وما الحقيقة؟

– لا أدري. صرختها على أجنحة نايات فجاءت صادقة بانفعال رزين.

– سأتركك الأن لكني معك، لن أغادرك وستحملني أي اتجاه أويت. اشرب قهوتك

خرج مرتبكا دون لمسها وعلى وجهه تعب سواحل عتيقة تتفصد بالأمواج القلقة عابثة

بأشيائه الدفينة ودخان سيجارته يدور حولها.

لن تفلت مني، سأرسمك بألوانك على كل الأوراق الخريفية كما أنت. أين تهرب مني! احوطك سواراً، أفقاً لا يمكنك لمسه، ذنباً اخضر في شروخ ذاكرتك وأحياناً ثغر طفل مقدس من أحفادك.

دفعت الحساب للنادل لذي أعاد لي ثمن قهوته الباردة وخرجت أمارس هويتي في رسم خطوات لا مرئية على الاسفلت والفرجة واجهة محلات بغدادية خرجت من كابوس لتسقط أحضان اللات والعزة وآلهة حمقاء تقتات الجهل والطلقة والدم في مطابخ احزاب كرتونية وميليشيات دون قلب أو هدف، لا تتوانى عن فعل أي قبح لقطف غلتهم. 

سمعت خلفي دوي انفجار تبعه رشقات نيران أسلحة وطنية. الأيام ترسم قدراً لا يسمح للصامتين تأثيثه. ليذهب أين ما يشاء، سأعلقه الصفحات وأترك له الغلاف.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s