امنحني موتًا كي أتحرر

امنحني موتًا كي أتحرر

أحمد فرج الخليفة

اللوحة للفنان جورج براك

قَالَ الرّجلُ الصّامتُ

حِينَ تَدَحْرجَ فوقَ الأرضِ:

منْ يمنحني لحظة موت

كيّ أتجرع وهن الفرح؟

من يقضمني كالتفاح

حيث سأسقط تحت الشجرة

أرفضُ عمرًا لم يقبلني؟

من سيصب دماء الوحدة فوق الأرض؟

ينبتُ طفلًا لا يشبهني

يَحملُ سيفًا

يَقتلُ كُلّ ذئابِ العُمرِ

من ينجيكم

إن أحببتم عمر الخوف

أو آثرتم حجر النرد؟

كي تلقوه على أمنية لن تتحقق؟

*

سِفْرُ الموتِ.. سِفْرُ الخوفِ

صلُّوا طهراً

أو فلتكفر بالأسباب

طوَّق عقلاً بالأنسابِ

واملأ جوفاً بالأحقاد

مزِّق قلباً لم ينجدك

اِمسك رزقاً

اِغلق باباً

واِكتب فوق الباب دعاءً

كي نتضرع للسلطانِ الساكنِ فيك

وابنِ الصرح الحامل صوتاً للجوعان

كي يدعوك بكل صباحٍ

كل صياحٍ

كل بكاءٍ

أو يشربك الماءَ العلقمَ في الترحال.

*

وقف الرجلُ الصامتُ يقرأ في التوراةِ سِفر العددِ

نَسِي العمر ونَسِي العددَ

في الإنجيلِ

“متَّى” يُخبر أنَّا بشرٌ

أنَّ الرّبَ الحاكمَ ملكاً بالقسطاسِ.

والقرآنُ ..

يرجو وصلاً من أفواهٍ تتلو جهلاً

تُعطي عمراً للأموات.

صلّوا خلفَ الشيخِ السامي

يدعو رباً كي يعطيكم بَعضَ الخبز

لا تلتفوا حول الدار

هيّا صلوا كي أعطيكم

بٍتُّ اليوم الربَ العاطي

عاد ليتلو وِرد العصرِ

*

سَجِدَ الناسُ اليوم كثيرًا

كي يلتقطوا كسر الخبز

فالسلطان اليوم يباهي

ضيفُ اليومَ الرافع رأسًا

يزرع أرضا ينبت فيها

كل صباحٍ ألفا عبدٍ للأعمار

*

صَوتٌ يعلو

من يخدمني كي أعطيه

ورقَ الشجر

صك الجنة

أو أمنحه اللقب الأسمى

” حيٌ يرجو عطر الموت”

من يشتاق اليوم الموت؟

*

يبكي الرجل الصامت قهرًا

كوَّرَ جسداً تحت الشجر

ثم تولَّى.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.