اللوحة للفنان الروسي برونيكوف تجسد احتفال فيثاغورس بشروق الشمس
قصيدة تُنسَب إلى فيثاغورس، وتعرف بـ الأبيات الذهبية. ومع أن فيثاغورس لم يترك أي أثر مكتوب. لكن هذه القصيدة تناقلها أتباعه ذكرت بعد قرون من وفاته في عدة كتب، هي تضم زبدة تعاليمه.
بادئ ذي بدء، بَجِّل الآلهة بحسب المنزلة اللائقة بها، واحترم كلامك،
وأكرِم الأبطال الشرفاء والجان تحت الأرض.
فإنك بذلك تعمل بما توصي به الشرائع.
أكرِم كذلك والديك والأقربين إليك بالدم،
واتَّخذ لنفسك أحبَّة بين أهل الفضيلة من الآخرين.
أصغِ لرقيق الكلام، ولا تُعَرقِل مفيدَ الأعمال،
ولا تحقد على صديق من جراء خطأ طفيف.
وهذا بمقدار ما تطيق، لأن الممكن يجاور الضروري،
وتشرَّب الوصايا المذكورة أعلاه،
ولكنْ فلتضبط شهوتك ونومك، ثم أهواءك وغضبك، و
لا ترتكب أي فعل مخجِل، وحدك أو بالاشتراك مع غيرك.
فالأولى بك أن تحترم شخصك.
ثم تمرَّس في فعل الحق في أفعالك وأقوالك،
وتعلَّم أيضًا ألا تتصرف قط تصرُّفًا لم تمعن التفكير فيه،
واعلم أن الموت ناموس لا مفرَّ منه للجميع،
وتعوَّد على فقد الأشياء في أية لحظة بمقدار تعوُّدك على اقتنائها،
وأمًّا المصائب التي يتحمَّلها البشر، من جراء التقادير الإلهية،
فتحمَّل نصيبك منها بلا تذمُّر،
ولكنْ اجتهد في تصويبها بما في وسعك،
وقل لنفسك إن المصائب التي يُبتلى بها الإنسان الشريف
ليست بهذه الكثرة.
إن كلامًا كثيرًا، فيه الطالح وفيه الصالح، يطرق مسامع البشر.
فلا يساورنَّك خوف منه،
ولا تَحِدْ كذلك عن دربك لكي تجتنب سماعه،
والزم الهدوء إذا سمعت كلامًا كاذبًا.
بيد أن ما سأقوله لك عليك أن تعمل به في كل الظروف:
فلا تدعنَّ أحدًا، قولاً أو فعلاً،
يقودك إلى فعل أي شيء مما يتعارض مع طبيعتك الحقَّة،
وتفكَّر قبل أن تفعل تجنُّبًا للحماقات،
فالفعل والكلام بلا تروٍّ صفة الجاهل،
وأدِّ بالحري ما لن يعود بالضرر عليك،
ولا تفعل أي شيء بلا علم به،
وتعلَّم ما ينبغي أن تعلم.
تلكم قاعدة الحياة الهنيئة،
ولا تهمل كذلك صحَّتك،
وكن معتدلاً في شرابك وطعامك ورياضتك.
وأقصد بالاعتدال فيما لن يضرَّ بك،
ووطِّن نفسك على نظام صحيح، خلو من الخمول،
واجتنب فعل كل ما من شأنه أن يحرِّض الرغبة،
واجتنب إنفاق المال في غير محلِّه،
على غرار ما يفعل من لم يخبَر الأمانة قط،
إنما كن متساهلاً،
فإن الاعتدال في كل شيء هو الأفضل،
وافعل ما لا يسيء إلى طبيعتك الحقَّة،
وتفكَّر قبل أن تفعل،
ولا تدع النوم يغزو عينيك المرهقتين قبل أن تفحص كل يوم ضميرك،
متسائلاً:
“فيم قصَّرتُ؟ وماذا فعلت؟ وأي واجباتي أغفلت؟”،
وابدأ من البداية، مسائلاً نفسك عن هذه المسائل واحدة واحدة.
فإذا أسأتَ التصرف، لُمْ مسلكك.
أما إذا أحسنتَه فابتهج.
هذا ما يجب أن تجتهد فيه، وتوليه كل عنايتك.
هذا ما يجب أن تتمسَّك به بكل قواك.
فوحدها هذه الاهتمامات
من شأنها أن تضعك على درب الحكمة الإلهية.
والذي أعطانا الرابوع، مبدأ الطبيعة الأزلية، على ما أقول شهيد.
ألا فباشر عملك بعد أن تسبِّح الآلهة حتى تتوفَّق فيه.
فإذا ملكتَ هذه المبادئ
عرفتَ جوهر الآلهة الخالدة والآلهة الفانية،
والفوارق بين الأشياء
والروابط التي تشدُّها بعضها إلى بعض.
ولسوف تعرف حدود الحلال،
حيث الطبيعة هي هي في كل شيء،
وبذلك لن تأمل فيما لا أمل منه
ولن يخفى عليك شيء.
ولسوف تعرف البشر، ضحايا المصائب التي ينزلونها بأنفسهم،
وتعرف بؤسهم،
وتعرف العاجزين، لا بالنظر ولا بالسمع، عن إدراك الخيرات القريبة منهم إلى هذا الحد،
إذ قلة من بينهم تعرف كيف تنجو من الشقاء.
ذلكم هو القضاء النازل بنفوس الفانين.
فهي كالكريَّات تتدحرج هنا وهناك معرَّضة لآلام لا تنتهي،
فـالشقاق، رفيقهم الفاجع، يودي بهم من حيث لا يدرون.
الشقاق الذي يظهر لدى ولادتهم،
والذي يجب الامتناع عن إثارته،
وتجنُّبه بالانقياد له.
آه، زفس، أيها الأب الكلِّي.
إنك لتعتق الإنسان حقًا من الكثير من الأوجاع
إذا دلَلَت البشر على الشيطان الذي يخضعون له.
أما أنتَ. فكن على ثقة،
بما أن البشر من سلالة إلهية
وأن الطبيعة المقدسة تدُّلهم وتكشف لهم كل الأسرار.
فإذا أخذت نصيبك منها، عملت بوصاياي،
وبفضل هذا الدواء، حرَّرت نفسك من هذه الهموم.
ألا فامتنع عن المآكل التي ذكرنا،
وفي التطهُّرات كما في انعتاق النفس بانفصالها عن البدن،
أعمِل محاكمتك، وتفكَّر في كل شيء،
متساميًا بعقلك الذي هو خير المرشدين،
ولئن غادرتَ جسمك محلِّقًا حتى أعالي الأثير المطلقة،
أصبحت إلهًا مخلَّدًا، لا يلحق بك فساد،
ولا يطالك الموت.
فيثاغورس (570 – 495 ق.م) هو فيلسوف وعالم رياضيات يوناني، مؤسس الحركة الفيثاغورية كما يُعرف بمعادلته الشهيرة (نظرية فيثاغورس). أنشأ في كروتوني اليونانية الواقعة في إيطاليا حوالي سنة 530 ق.م مدرسة لمناقشة الموضوعات الفلسفية المختلفة، واهتم بعدد من المواضيع العلمية والرياضية والموسيقية.